وأبي بصير منها قد
رواه في الفقيه أيضا ، بل الأول منهما قد أرسله الصدوق في الهداية أيضا.
ومن الغريب ما في
الحدائق في المقام من أني لم أقف بعد التتبع على رواية جواز بيع الخدمة ، والموجود
في كلام جملة منهم إنما هو بهذا العنوان من غير نقل مضمونها ومنه يظهر قوة القول
بالعدم ، لما عرفت فيما تقدم من تعليل عدم صحة بيع المنفعة ، مع عدم وجود ما
يعارضه ويوجب الخروج عنه ، والرواية المذكورة غير معلومة ، لعلها من روايات
العامة.
وأغرب منه ما في
مفتاح الكرامة حيث رده بأن هذه الرواية قد اعترف بها المحقق والعلامة وغيرهما ، بل
قال الشهيد : والروايات مصرحة بها ، فكان هناك روايات وليس ما يحكونه إلا كما
يروونه ، وقد روى في الهداية عن الصادق عليهالسلام إلى آخر خبر أبى مريم ، ثم قال فلا تصغ إلى ما في الحدائق
من احتمال كونها من روايات العامة ، حيث لم يقف عليها بعد التتبع ، إذ هما معا كما
ترى.
وكيف كان فبناء
على أن ما جاز بيعه جاز رهنه ، لا مناص عن العمل بها ، إن لم يكن المراد منها ما
ذكرنا ، المؤيد بموافقة بيعه مدبرا للضوابط في الجملة ، ضرورة عدم خروجه بالتدبير
عن الملك المقتضى لجواز سائر التصرفات ، وهذا الذي يعبر عنه ببيع الخدمة ، ويمكن
تنزيل تلك العبارات أو أكثرها عليه ، ويبقى قاعدة عدم جواز بيع المنافع على حالها
الذي لم يخصصها أحد منهم في كتاب البيع وغيره والله أعلم.
وأما الثاني : وهو
اعتبار الملك فلا أجد خلافا في اشتراط كونه مما يملك ، فلا يصح رهن غير المملوك
كالحشرات والخمر والخنزير للمسلم ، كما ستعرف ، لعدم إمكان استيفاء الدين منه ،
كما أنه لا أجد خلافا في اشتراط كونه مملوكا للراهن أو مأذونا فيه ، لعدم التمكن
من استيفاء الدين منه بدون ذلك.
وحينئذ ف لو رهن
ما لا يملك لم يمض ووقف على اجازة المالك لأن الظاهر جريان الفضولي فيه ، بناء على
موافقته للضوابط ، أو أنه أولى من النكاح الوارد فيه ذلك ، أو لأنه ثابت في البيع
ولم يفرق أحد فيه وبين غيره من العقود