في مقام آخر ،
وإلا فالموجود فيما عندنا وأما طهارة ماء الاستنجاء فهو مذهب الشيخين ، وقال علم
الهدى في المصباح : « لا بأس بما ينضح من ماء الاستنجاء على الثوب والبدن » وكلامه
صريح في العفو ، وليس بصريح في الطهارة ، ويدل على الطهارة ما رواه الأحول ، ثم
قال بعد نقلها : ولأن في التفصي عنه عسرا ، فيسوغ العفو دفعا للعسر ، ولا يخفى على
المتأمل في أول كلامه أنه قائل بالطهارة ، ولعل تعليله الأخير مبني على ان أصل
الطهارة فيه دفعا للعسر ، وكثيرا ما يقع منهم الاستدلال بهذه العبارة لهذا المعنى
، لكن قد يكون الشهيد فهم ذلك لهذا التعليل ، أو لأن المحقق فهم من عبارة المرتضى
المتقدمة العفوية حتى قال ما سمعت ، وعبارة الروايات مثلها ، لنفي البأس في حسنة
الأحول ، وعدم التنجيس في رواية عبد الكريم بن عتبة فلعل مراده بقوله ويدل على
الطهارة ما يشمل العفو ، فتأمل جيدا.
وكيف كان فالظاهر
وجود الخلاف في ذلك وان كان في استظهاره من عبارة المرتضى اشكال ، بل يظهر من
المنتهى على وجه كصريح الشهيد وظاهر جماعة العفو ، وصريح آخرين الطهارة ، وقد عرفت
مما تقدم من الذكرى أنه على تقدير العفو لا يسوغ استعماله ، بخلاف الثاني ، ولعله
الظاهر من العفو ، فلا يدخل تحت ما دل على اشتراط الطهارة فيه ، بل أقصاه أنه عفي
عن حكم النجاسة بالنسبة للتنجس ونحوه ، لا عن أصل النجاسة حتى يلزمه الطهارة ، فلا
يجوز التطهر به حينئذ من حدث أو خبث ، واحتمال أن يراد بالعفو أنه طاهر غير مطهر ،
فيجوز استعماله على تقدير العفو في كل ما اشترطت الطهارة فيه ، كالأغسال المسنونة
ونحوها ، نعم لا يجوز رفع الحدث والخبث خاصة ، بل تنحصر فائدة الخلاف في رفع الخبث
، للإجماع المنقول على عدم جواز رفع الحدث به في غاية الضعف ، لعدم ظهوره من كلام
القائلين بالعفو ، فما ناقش به المحقق الثاني الشهيد غير متوجه ، قال : « اللازم
أحد الأمرين ، إما عدم إطلاق المعفو عنه ، أو القول بطهارته ، لأنه إن جاز مباشرته
من كل الوجوه لزم الثاني ، لأنه إذا