كثيره فقليله حرام، و قوله: حرّمت الخمر بعينها و المسكر من كل شراب [1].
و الفقاع حرام، لا يجوز شربه بحال. و قال أحمد بن حنبل: كان مالك يكرهه، و يكره أن يباع في الأسواق.
و روى أصحابنا أنّ على شاربه [الحدّ] كما يجب على شارب الخمر و أنّ على بائعه التعزير. و خالف جميع الفقهاء في ذلك، و قالوا: هو مباح [2].
و الدليل على تحريم الفقاع بعد إجماع الإمامية ما رواه أبو عبيد القاسم بن السلام [3]، و الساجي في كتاب اختلاف الفقهاء عن أمّ حبيبة [4] زوجة النبي (صلّى اللّه عليه و آله) من أنّ قوما من اليمن قدموا عليه لتعلّم الصلاة و الفرائض و السنن، فقالوا يا رسول اللّه إنّ لنا شرابا نتخذه من القمح و الشعير، فقال (عليه السلام): الغبيراء، قالوا: نعم، فقال رسول اللّه: لا تطعموها، قال الساجي في حديثه: إنّه (عليه السلام) قال ذلك ثلاثا، و قال أبو عبيد في حديثه: لما كان بعد ذلك بيومين ذكروها له (عليه السلام) فقال: الغبيراء قالوا: نعم قال: لا تطعموها قالوا: فإنّهم لا يدعونها، فقال (عليه السلام): من لم يتركها فاضربوا عنقه.
و روي أبو عبيد أيضا عن زيد بن أسلم أنّ النبي (عليه السلام) سئل عن الغبيراء فنهى عنها و قال:
لا خير فيها، قال: و قال زيد بن أسلم و الأسكركة هي، و قد علمنا أنّ الأسكركة اسم يختص في لغة العرب بالفقاع.
و قد روى ابن حنبل عن ضمرة أنّه قال: الغبيراء التي نهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عنها الفقاع، و قال ابن حنبل: إنّ مالك بن أنس كان يكره الفقّاع و يكره بيعه في الأسواق، و ابن المبارك [5] كان يكرهه، و كان يزيد بن هارون [6] يكرهه، و هؤلاء عند المخالف من كبار شيوخ
[3] بتشديد اللام، كان أبوه عبدا روميا، روى عن أبي زيد الأنصاري، و الأصمعي، و أبي عبيدة و ابن الأعرابي و جماعة كثيرة، ولي القضاء بمدينة طرسوس (18) سنة و توفّى سنة (223). وفيات الأعيان: 4/ 60 رقم 534.
[4] بنت أبي سفيان، زوج النبي (صلّى اللّه عليه و آله)، اسمها رملة و أمّها صفية بنت أبي العاص بن أميّة، ولدت قبل البعثة تزوّجها عبيد اللّه بن حجش، فولدت له حبيبة كانت تكنّى بها، و ماتت بالمدينة سنة (44). الإصابة: 7/ 651 رقم 11185.
[5] عبد اللّه بن مبارك بن واضح، أبو عبد الرحمن الحنظلي سمع من الأوزاعي و سعيد بن عبد العزيز، و أبي عبد ربّ الزاهد، و غيرهم و روى عنه: معمر بن راشد، و سفيان الثوري و غيرهما، مات بهيت سنة (181 ه). تاريخ مدينة دمشق: 32/ 396 الرقم 3555.
[6] يزيد بن هارون ابن زاذي، أو ابن زاذان السلمي أبو خالد الواسطي ولد سنة (117) و توفّى سنة (206). تهذيب الكمال: 32/ 261 رقم 7061.