و التدبير عتق بعد الوفاة، و يفتقر صحّة إلى شروط العتق المنجز في الحياة، و قد بيّنا في باب البيع، في الموضع الذي يجوز بيعه فيه فلا نطوّل بإعادته [2].
هذا كلّما ذكر صاحب الغنية إلّا أنّه باب آخر غير باب البيع يحتاج فيه إلى مسائل كثيرة لم يذكرها لأنّ باب البيع لم يكن موضع ذكرها، منها في مسائل الخلاف:
إذا قال لعبده: إذا متّ فأنت حرّ أو محرّر، أو عتيق، أو معتق، كان صريحا، غير أنّه لا بدّ فيه من النيّة، كما نقوله في صريح الطلاق و العتاق. فإن تجرّد عن النيّة، لم يكن له حكم.
و قال جميع الفقهاء: لا يحتاج ذلك إلى نيّة لأنّه صريح لنا بعد إجماع الإمامية أن الأصل بقاء الرقّ و لا دليل على صحة التدبير مع عدم النيّة و لا خلاف في صحّته مع حصول النيّة [3].
و إذا قال أنت مدبّر أو مكاتب لا ينعقد به كتابه و لا تدبير، و إن نوى ذلك، بل لا بدّ أن يقول في التدّبير: إذا متّ فأنت حرّ، و في الكتابة: إذا أدّيت إلى مالي فأنت حرّ فمتى لم يقل ذلك لم يكن شيئا.
و قال الشافعي في الكتابة بأن ذلك كناية فمتى نوى بها الكتابة صحت و متى لم ينو لم تصحّ، و قال في التدبير إنّه صريح [4].
التدبير بشرط لا يقع، و كذلك العتق. و قال جميع الفقهاء: إنّه يصح ذلك و ينعقد [5] و التدبير بمنزلة الوصيّة يجوز له الرجوع فيه بالقول، بأن يقول: رجعت في هذا التدبير و نقضته.
و للشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه. و هو ضعيف عندهم، و اختاره المزني.
و القول الآخر: إنّه عتق بصفة، لا يصحّ [190/ ب] الرجوع فيه. و به قال أبو حنيفة [6].
و أما بيعه و هبته و وقفه فلا خلاف في أن ذلك ينتقض به التدبير كما ينتقض به العتق بشرط.
«إذا دبّر عبدا، ثم أراد بيعه و التصرف فيه، كان له ذلك- سواء كان التدبير مطلقا بأن