و ذلك كاستيجار الدار ليتخذها مأخورا يبيع فيها الخمر و ليتخذها كنيسة، أو بيت نار، فان ذلك لا يجوز و العقد باطل.
و قال أبو حنيفة: العقد صحيح، و يعمل فيه غير ذلك من الأشياء المباحة دون ما استأجر له، و به قال الشافعي [1].
أو استأجر رجلا لينقل له خمرا من موضع إلى موضع لم تصحّ الإجارة. و به قال الشافعي. و قال أبو حنيفة: يصحّ كما لو استأجر جرّة لينقل، الخمر إلى الصحراء ليهريقه [2].
فإن كان المستأجر مسكنا احتيج مع ما تقدّم من الشروط إلى تعيين المدّة، و إن كان دابّة افتقر إلى ذلك أيضا [أ] و إلى تعيين المسافة [3] لأنّه لا خلاف في صحة العقد مع تكامل هذه الشروط، و ليس على صحته مع اختلال بعضها دليل.
و إذا صح العقد استحقت الأجرة عاجلا، إلّا أن يشرط التّأجيل [4] و به قال الشافعي.
و قال مالك: إنّما يلزمه أن يسلّم إليه الأجرة جزء فجزء، فكلّما استوفي جزء من المنفعة لزمه أن يوفيه ما في مقابلته من الأجرة، و قال أبو حنيفة و أصحابه: القياس ما قال مالك، و لكن يشق ذلك فمهما استوفى منفعة يوم فعليه تسليم ما في مقابلته، و قال الثوري: لا يلزمه تسليم شيء من الأجرة ما لم تنقض مدة الإجارة كلّها. [5]
لنا قوله تعالى [129/ ب] فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[6] لأنّ المراد فإن بذلن لكم الرضاع، بدليل قوله في آخر الآية وَ إِنْ تَعٰاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرىٰ و التعاسر أن لا ترضى بأجرة مثلها.
و يملك المؤجر الأجرة و المستأجر المنفعة بنفس العقد، حتى لو استأجر دابّة ليركبها إلى مكان بعينه، فسلمها إليه، فأمسكها مدة يمكنه المسير فيها، فلم يفعل، استقرت الأجرة عليه [7] وفاقا للشافعي.
و قال أبو حنيفة: لا تستقر عليه الأجرة حتى يسيّرها في بقاع تلك المسافة [8] لنا أن