فقد مضى في خلال الفصول المتقدمة منه ما يناسبها، و بقي ما نذكر منه اللائق بغرض الكتاب.
اعلم أن من حكم البيع وجوب تسليم المعقود عليه في الحال إذا لم يشترط التأجيل بلا خلاف، فإن تشاحّا و قال كلّ واحد منهما: لا أسلّم حتى تسلم، فعلى الحاكم إجبار البائع على تسليم المبيع أوّلا، لأن الثمن إنّما يستحقّ على المبيع، فوجب الإجبار على تسليمه، ليستحق الثمن [1]، ثم يجبر المشتري [102/ أ] على تسليم الثمن بعد ذلك بعد أن يحضر المبيع و الثمن. و للشافعي فيه ثلاثة أقوال: أحدها يجبر البائع، و الثاني يجبر كلّ واحد منهما، و هو الصحيح عندهم، و الثالث: لا يجبر واحد منهما.
و قال أبو حنيفة و مالك: يجبر المشتري على تسليم الثمن [2].
فإن امتنع البائع من التسليم فهلاكه من ماله على كل حال، و يبطل العقد لتعذّر تسليمه [3]، وفاقا لهما و قال مالك لا يبطل [4].
و إن كان قبضه المشتري فهلاكه من ماله دون مال البائع، سوأ كان قبضه أو رضي بتركه في يد البائع.
و القبض فيما لا يمكن نقله كالأرضين التخلية و رفع الحظر، و كذا حكم ما يمكن فيه ممّا اتّصل بها من الشجر و الثمرة المتصلة به [5].
و للشافعي فيه قولان أحدهما ما قلناه و هو قوله الجديد و الثاني: و هو أن القبض فيها النقل مقل ما يكون على وجه الأرض و هو قوله القديم.
لنا ان العادة في الشجرة أنها لا تنقل و لا تحوّل و الثمرة ما دامت متّصلة بها كانت بمنزلتها فيكون القبض فيها التخلية. [6]
و يكره بيع المرابحة بالنسية إلى الثمن كقوله ثمن هذه السلعة كذا و قد بعتكها برأس مالي