و من لا كتاب له من الكفّار لا يكفّ عن قتاله إلّا بالرجوع إلى الحقّ، [1] لقوله (عليه السلام):
أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلّا اللّه فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم و أموالهم [2].
و كذا حكم من أظهر الإسلام من البغاة و المحاربين.
و من له كتاب و هم اليهود و النصارى و المجوس يكفّ عن قتالهم إذا بذلوا الجزية و دخلوا تحت شروطها، و لا يجوز أخذ الجزية من عبّاد الأوثان، سواء كانوا عجما أو عربا، و لا من الصابئين و لا من غيرهم [3] وفاقا للشافعي في عبّاد الأوثان عربا أو عجما، و خلافا لأبي حنيفة في العجم فإنّه قال: يؤخذ من العجم، و لا يؤخذ من العرب.
لنا قوله تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ[4] و قوله فَإِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقٰابِ[5][6] و هذا عام في العرب و العجم.
و أمّا أهل الكتاب يجوز أخذ الجزية منهم و إن كانوا من العرب وفاقا لجميع الفقهاء. و قال أبو يوسف: لا يجوز.
لنا قوله تعالى قٰاتِلُوا الَّذِينَ لٰا يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ لٰا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لٰا يُحَرِّمُونَ مٰا حَرَّمَ اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ لٰا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حَتّٰى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صٰاغِرُونَ[7][8]، و المجوس كان لهم كتاب ثم رفع عنهم. و هو أصح قولي الشافعي.
و له قول آخر: و هو أنّه لم يكن لهم كتاب. و به قال أبو حنيفة [9].
و أمّا الصابئة فلا يؤخذ منهم الجزية، و لا يقرّون على دينهم. خلافا لجميع الفقهاء، فإنّهم قالوا: يؤخذ منهم الجزية إلّا أبا سعيد الإصطخري من أصحاب الشافعي [10].
و الصّغار المذكور [85/ أ] في الآية هو التزام الجزية على ما يحكم به الإمام من غير أن يكون مقدرة، و التزام أحكام الإسلام عليهم. و قال الشافعي: هو التزام أحكامنا عليهم. و منهم من قال: الصغار أن يؤخذ الجزية منه قائماً، و المسلم جالس. [11]
و الجزية ما يؤدّونه كلّ سنة مما يضعه الإمام على رؤسهم، أو على أرضهم، و ليس لها