responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيضاح مناسك الحج المؤلف : السيستاني، السيد علي    الجزء : 1  صفحة : 289
=
والمعتر ) .
مضافا الى إطلاق قوله تعالى ( فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي ) ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : ثم اشتر هديك إن كان من البدن او البقر وإلا فاجعله كبشا سمينا فحلا ... فان لم تجد فما تيسر عليك ، وعظم شعائر الله .
وقضية القرابين واراقة الدماء والتقرب الى الله تعالى بذلك ليست شعيرة مختصة بهذه الامة بل هي من الشعائر المرتبطة بالله عز وجل والشاملة لجميع الامم ، كمسألة الحج ككل فانه غير مختص بهذه الامة المرحومة .
فآدم عليه السلام حينما نزل الى الارض حج واراق الدماء ولم يكن ثَمّ فقير على وجه الارض ، ففي رواية ابن ابي الديلم عن ابي عبدالله عليه السلام في كيفية حج آدم لما أراد الله ان يتوب عليه : أرسل إليه جبرئيل ... فأفاض آدم من جمع الى منى ، فبلغ منى ضحى ، فأمره أن يصلي ركعتين في مسجد منى ، ثم أمره أن يقرب الى الله تعالى قربانا ليتقبل الله منه ، ويعلم أن الله قد تاب عليه ويكون سنّة في ولده القربان ، فقرّب آدم قربانا فقبل الله منه قربانه ، وأرسل الله عز وجل ناراً من السماء فقبضت قربان آدم ... " ومثلها رواية الحسن بن علي بن ابي حمزة عن الكاظم عليه السلام ، فتقديم القرابين والتقرب بها الى الله سنة ابينا آدم عليه السلام وهي جارية في عقبه الى يوم القيامة .
وقد اخبرنا القرآن الكريم والروايات المتواترة بان ابراهيم عليه السلام حينما حج بيت الله الحرام وأفاض من عرفات بات على المشعر الحرام فرأى
=
( 290)
=
في النوم ان الله يأمره بذبح ابنه ويكون هو القربان ، فاخبره بذلك فقال ( ياأبت افعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) فلما شد وثاقه ووضع المدية على حلقه فداه الله بكبش عظيم وجاءه الجواب من الله (ان ياابراهيم قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء العظيم ) .
ففي حسنة ابن فضال قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه واله "انا ابن الذبيحين" ... والعلة التي من أجلها دفع الله عز وجل الذبح عن إسماعيل هو العلة التي من اجلها دفع الذبح عن عبدالله وهو كون النبي والائمة صلوات الله عليهم في صلبهما ، فببركة النبي صلى الله عليه واله والائمة عليهم السلام دفع الله الذبح عنهما ، فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم ، ولولا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب الى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم ، وكل مايتقرب به الناس الى الله عز وجل من أضحية فهو فداء لاسماعيل عليه السلام الى يوم القيامة .
وفي الحسن الى البطائني عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : ماعلة الاضحية ، فقال : انه يغفر لصحابها عند أول قطرة تقطر من دمها على الارض ، وليعلم الله عز وجل من يتقيه بالغيب ، قال الله عز وجل ( لن ينال الله لحومها ولادماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) ثم انظر كيف قبل الله قربان هابيل ورد قربان قابيل .
وفي معتبرة السكوني عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ، أن علياً عليه السلام سئل هل يطعم المساكين في كفارة اليمين من لحوم الاضاحي ؟ قال :
=
( 291)
=
لا، لانه قربان لله عز وجل " ومحل الشاهد ذيلها .
وبالجملة فما ادعاه من وحدة المطلوب ليس في محله ، بل الذبح بما هو هو مطلوب بالذات وكذلك التصدق على القول بوجوبه، وزعمه أن لا إطلاق في المقام غريب جداً ، إذ تكفي ـ مضافا الى ماقدمناه ـ الروايات المستفيضة البيانية الامرة بالذبح دون ذكر التصدق والأكل .
ودعواه : ان مانشاهده اليوم من دفنها أو إحراقها هو امر مستحدث لاوجود له في السابق ، ولذلك فإن من المشكل جدا إطلاق الروايات بحيث يشمل تمام صور المسألة حتى صورة الدفن والحرق ، لان المصداق الموجود في عصرنا إنما هو من قبيل الفرد النادر أو الفرد المعدوم في عصر نزول آيات الهدي وصدور روايات الأضحية .
ساقطة كبرويا وصغرويا : ، أما الاول فتفصيله في علم الاصول ، وأما الثاني فإن المصداق الذي ادعى بانه نادر التحقق في عصر النص يدفعه ماتقدم من ان المشركين كانوا يحرمون ماقدموه من قرابين لآلهتهم كما تشير إليه الاية 136 و 138 من سورة الانعام وقوله تعالى ( لن ينال الله لحومها ولادمائها ) اذ كان يلطخون جدار الكعبة بلحوم ودماء القرابين كما في روايات العامة ، وما مر من اتلاف ما قدمه آدم عليه السلام وما كان يُقبل من قرابين يقدمها الانبياء والاولياء والمتقون بإرسال نار تأكلها ويكون ذلك دلالة على نبوتهم واخلاصهم وامامتهم .
مضافا الى كثرة الناس في عصر المعصومين عليهم السلام مما يقطع بفساد وتعفن جملة من القرابين ، ففي صحيحة محمد بن مسلم عن ابي
=
( 292)
=
عبدالله عليه السلام قال : سألته عن إخراج لحوم الاضاحي من منى ، فقال : "كنا نقول : لايخرج منها بشيء لحاجة الناس إليه ، فأما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه " فلو كان التصدق والاكل شرطاً في الهدي لكل مكلف لنُبّه عليه ولَبَان في الروايات .
وصفوة القول : أن إطلاق لفظ القربان على مايقدمه الحاج في المشاعر المقدسة كافٍ لاستحصال الاطلاق منه لشموله لما نحن فيه بل لعله الفرد المتعارف الشائع ، ولفظ "القربان" كما لايخفي مصطلح قراني لايختص بما اذا تفرع عليه التصدق .
وأما الثاني : فيرد عليه ماورد من مذمومية الإسراف إلا في الحج ، ففي صحيحة ابن ابي يعفور عن ابي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله: مامن نفقة أحب الى الله عز وجل من نفقة قصد ويبغض الاسراف إلا في الحج والعمرة .
هذا على فرض صدق الإسراف على مايكون طاعة لله عز وجل ، وروايات ارسال النار لالتقاط ماضحى به آدم وما قربه هابيل من قربان لاتدع لهذه الاحتمال وجها أصلا ، قال تعالى ( اذ قربا قرباناً فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر وكان التقبل بارسال نارا تأكل ماقربه المتقي ، كما هو صريح قوله تعالى ( الذين قالوا ان الله عهد الينا ألا نؤمن لرسول حتى ياتينا بقربان تأكله النار ، قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين ) .
وأما الثالث : فهو أخص من المدعى ، وقد مر الكلام فيما اذا لم يتسن
=
( 293)
إلى الفقير نفسه ، بل يجوز الإعطاء إلى وكيله ـ وإن كان الوكيل هو نفس من عليه الهدي ـ ويتصرف الوكيل فيه حسب إجازة موكله من الهبة أو البيع أو الاعراض ، أو غير ذلك .
ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى مع عدم حاجة الموجودين فيها إليه[1].
مسألة 308 : لايعتبر الإفراز في ثلث الصدقة ولافي ثلث
=
الذبح في منى فراجع .
كما ان لازم القول بكون المطلوب واحد وإن التصدق شرط للذبح سقوطه عند التعذر لا أن الوظيفة تنتقل الى الذبح خارج الحرم ، وقد تقدم منا ان قوله تعالى ( فمن لم يجد فصيام سبعة أيام في الحج وسبعة اذا رجعتم ) مطلقة لاتخص بفقد الثمن ، فمع عدم تحقق الشرط ينتفي المشروط وتنتقل الوظيفة الى البدل وهو الصيام ، إذ ليس الهدي مطلوباً على كل حال بل له بدل كالوضوء ، فمع انتفاء بعض الشروط ينتقل الى البدل .
وإذا تنزلنا فلابد من المصير الى وجوب دفع ثمن النسك لمن يذبحه بمنى طوال ذي الحجة ثم يتصدق به ، فان لم يتمكن ففي العام القابل كما هو صريح جملة من الروايات ، لا ان تنتقل الوظيفة الى ذبحه في الوطن ، إذ مع عدم القدرة على التصدق فهو بمثابة من لم يجد الهدي فيكون مورداً للصحاح .
( ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب )
(1) تدل عليه جملة من النصوص فراجع .
( 294)
الهدية(1)، ولكن يعتبر فيهما القبض[2] ، فلو تصدق بثلثه المشاع وأقبضه الفقير ـ ولو بقبض الكل ـ كفى ، وكذلك الحال في ثلث الهدية.
مسألة 309 : يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن يتصرف فيما قبضه كيفما شاء(3) ، فلا بأس بتمليكه غير المسلم .
مسألة 310 : إذا ذبح الهدي فسُرق أو أخذه متغلّب عليه قهراً قبل التصدق فلا ضمان على صاحب الهدي بلا إشكال(4)، ولو أتلفه هو باختياره ولو بإعطائه لغير أهله ضمن حصّة الفقراء على الاحوط(5).
(1) لعدم الدليل على وجوبه .
(2) ودليله واضح .
(3) لتملكه ، والناس مسلطون على أموالهم .
(4) اذ تقدمت بعض الروايات الدالة على عدم الضمان قبل الذبح اذا سرق او هلك ، مضافاً الى عدم موجب للضمان بعد الذبح .
(5) لكونه تصرف في حق الغير ، إلا أن يقال بان وجوب التصدق لا يلازم الضمان لكونه حكماً تكليفياً ، مفرعا على الذبح كما هو ظاهر الآية الكريمة .
3 ـ الحلق أو التقصير
وهو الواجب السادس من واجبات الحج .
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، ولايجوز ايقاعه قبل يوم العيد حتى في ليلته إلا للخائف ، والاحوط تأخيره عن رمي جمرة العقبة ، وعن تحصيل الهدي بمنى(1)، والاحوط الاولى تأخيره من
(1) ذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار الى وجوب الترتيب بين المناسك يوم النحر وأختاره أكثر المتأخرين ، وذهب في الخلاف وابو الصلاح في الكافي وابن ابي عقيل وابن ادريس الى استحباب الترتيب وقربه العلامة في المختلف ، تمسكا بصحيحة ابن سنان قال : سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي، قال : لابأس وليس عليه شيء ولايعودن " ، وموثقة الساباطي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال: يذبح ويعيد الموسى ، لان الله تعالى يقول ( ولاتحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) .
والصحيح وجوب الترتيب تبعاً للاكثر لقوله تعالى ( ولاتحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) وهي غير مختصة بالاحصار بشهادة موثقة الساباطي
=
( 296 )
=
السابقة وفي صدرها قال : سألته عن الرجل برأسه قروح لايقدر على الحلق ، قال : ان كان قد حج قبلها فليجز شعره ، وإن كان لم يحج فلابد له من الحلق ، وعن رجل حلق قبل أن يذبح ... " وصحيحة ابي بصير الاتية .
ولعدة من النصوص كصحيحة معاوية عنه عليه السلام : إذا رميت الجمرة فاشتر هديك " ، وصحيحة الاعرج وفيها : تقف بهن بجمع ثم أفض بهن حتى تأتي الجمرة العظمى فيرمين الجمرة ، فان لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن ويقصرن من أظفارهن " ، وصحيحة ابن يزيد عنه عليه السلام قال : اذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك " ..
ومصححة جميل عنه عليه السلام قال : تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق وفي العقيقة بالحلق قبل الذبح " وهو صريح على المطلوب ، وقد رواها الكليني والشيخ عن محمد بن احمد الاشعري الثقة صاحب النوادر عن موسى بن جعفر البغدادي وهو لم يوثق صريحا ، وله كتاب النوادر رواه عنه النجاشي بسندين والطوسي بسند ولم يقدحا فيه وهو من علامات الحسن ، ويمكن استفادة وثاقته من عدم استثناء ابن الوليد له فيمن استثنى من رجال النوادر ، مضافا الى رواية جماعة من الاجلاء عنه فالتوقف فيه عجز رجالي .
وفي صحيحة ابي بصير عنه عليه السلام قال : إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محله ، فإن أحببت أن تحلق فاحلق .
مضافا الى إشعار بعض الصحاح التي وردت فيمن ساق هدياً في عمرة فعليه أن يحلق قبل أن ينحر أو يذبح .
نعم أقضى مايستفاد من هذه النصوص هو الحكم التكليفي لاالوضعي ، وهو مفاد صحيحة ابن سنان المتقدمة ، فلا تنافي بين الروايات كما لايخفي .
( 297 )
الذبح والنحر أيضا(1)، وعدم تأخيره عن نهار يوم العيد(2)، ولو قدمه على الرمي أو تحصيل الهدي نسيانا أو جهلا منه بالحكم أجزأه ولم يحتج الى الاعادة(3).
* مسألة 311 : إذا قصر الحاج أو حلق ليلة الحادي عشر لايبعد الاجتزاء به(4) .
مسألة 312 : لايجوز الحلق للنساء ، بل يتعيّن عليهّن التقصير(5).
(1) خروجا عن موضع الخلاف ، وإلا فصحيحة ابي بصير المتقدمة دالة على كفاية ترتيب الحلق على شراء الهدي وربطه في رحله .
(2) خروجا عن خلاف مانسب للمشهور ، وامتداد أيام الذبح والنحر الى أيام التشريق .
(3) بلا خلاف للنصوص .
(4) اذ الادلة كلها تشير الى وجوب ايقاعه بعد الذبح ، وليس فيها دلالة على تقييد ذلك بالنهار ، وفعل الرسول الاكرم صلى الله عليه واله غاية مايفيد الجواز ، بل يمكن استشعار الجواز من صحيحة ابن يقطين قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى زارت البيت فطافت وسعت من الليل ، ماحالها وما حال الرجل اذا فعل ذلك ؟ قال : لابأس به يقصر ويطوف بالحج ثم يطوف للزيارة ثم قد احل من كل شيء .
(5) نصاً واجماعاً .
( 298 )
مسألة 313 : يتخير الرجل بين الحلق والتقصير(1)، والحلق أفضل(2) إلا من لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمّل ، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه ولفّه ، او كان صرورة ، فإن الاحوط وجوبا لهؤلاء اختيار الحلق(3).
(1) لقوله تعالى ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين ) .
(2) ففي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام : استغفر رسول الله صلى الله عليه واله للمحلقين ثلاث مرات .
(3) أما من عقص شعره أو لبّده فقد استظهر السيد الخوئي بعد إن احتاط فيه وجوب الحلق عليه وتبعه بعض أعاظم تلامذته وقواه آخر ، تمسكا بعدة من النصوص ، كصحيحة هشام عنه عليه السلام قال: إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج اوالعمرة فقد وجب عليه الحلق" ومثلها في الدلالة تقريبا صحيحة معاوية والحلبي ، إلا أن المشهور أعرض عنها ولعله منشأ توقف الماتن دام ظله ، وإلا فالنصوص واضحة الدلالة على وجوب الحلق ، والله العالم .
أما الصرورة فقد ذهب الاكثر الى التخيير ، واحتاط السيد الخوئي في تعيين الحلق عليه ثم أضاف وإن كان التخيير لايخلو من قوة وتبعه بعض أعاظم تلامذته ، وقواه آخر ، استضعافا لنصوص التعيين سندا ودلالة ، وفي النهاية والتهذيب والمبسوط والاقتصاد والمصباح للشيخ والمقنع والمقنعة
=
( 299 )
* مسألة 314 : الظاهر أن الصبي اذا ادى الحج يخرج عن عنوان الصرورة ، وكذا النائب عن غيره(1).
مسألة 315 : من أراد الحلق وعلم أن الحلاق يجرح رأسه بالموسى لم يجز له الحلق به(2)، بل يحلق بالماكينة الناعمة جداً ، او يقصر أولا ثم يحلق بالموسى ـ إن شاء ـ إذا كان مخيراً بين الحلق والتقصير ، ولو خالف أجزأه وإن كان آثما .
مسألة 316 : الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم يكن ملبداً أو معقوصاً أو صرورة ، وإلا لزمه التقصير أولا وضم إليه الحلق بعده أيضا على الاحوط .
مسألة 317 : إذا حلق المحرم أو قصر حلّ له جميع ماحرم عليه بالإحرام ماعدا النساء والطيب(3)، بل والصيد أيضا على
=
والوسيلة والكافي والجامع وغيرهم تعيين الحلق عليه ، مع امكان دعوى استفاضة النصوص في تعيّن الحلق وصراحة بعضها دلالة كما لايخفي .
(1) اذ تعريف الصرورة من حج بدواً ولم يحج قبلها .
(2) لحرمة اخراج الدم من البدن بالمباشرة او بالتسبيب ، فيتحقق العجز عن الحلق فينتقل الى عدله .
(3) للنص والاجماع .
( 300 )
الاحوط(1).
والظاهر أن مايحرم عليه من النساء بعد الحلق أو التقصير لايختص بالجماع ، بل يعم سائر الاستمتاعات التي حرمت عليه بالاحرام(2) ، نعم يجوز له بعده العقد على النساء والشهادة عليه
(1) خروجا عن مورد الخلاف ، ففي الدروس عن العلامة أن عدم التحلل من الصيد إلا بطواف النساء مذهب علمائنا ، ولعله لصحيحة معاوية قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام من نفر النفر الاول متى يحل له الصيد ؟ قال: إن زالت الشمس من اليوم الثالث " ، وصحيحة حماد عنه عليه السلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الاول ، ومن نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس " ، وحمل الصيد على الحرمي خلاف ظاهر النصوص ، وقوله تعالى ( فإذا حللتم فاصطادوا ) لاتنافي النصوص اذ هي مبينة على ان الاحلال المطلق هو بعد النفر الثاني ، إلا ان يقال باعراض الاصحاب عنها ، ويدفعه دعوى العلامة انه مذهب علمائنا ، والله العالم .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شيء أحرم منه إلا النساء والطيب " ، فيتناول سائر الاستمتاعات، وإليه ذهب السيد الخوئي في فترة من الزمن ثم بعد ذلك استظهر اختصاص التحريم بالجماع ، تمسكاً بصحيحة الفضلاء وفيها " فقد أحلت من كل شيء يحل منه المحرم إلا فراش زوجها ، فاذا طافت طوافاً آخر حّل لها فراش
=
( 301 )
على الاقوى(1).
مسألة 318 : يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى ، فإذا لم يقصر ولم يحلق فيها متعمداً أو جهلاً منه بالحكم حتى نفر منها وجب عليه الرجوع إليها وتداركه(2)، وهكذا الحكم في الناسي على الاحوط(3).
=
زوجها " والفراش كناية عن الجماع خاصة كما لايخفي .
والظاهر صحة ماعليه الماتن دام ظله لصحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : سألته عن رجل قبّل أمرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي ؟ قال : عليه دم يهريقه من عنده " فلو كان المحرّم بعد الحلق او التقصير خصوص الجماع لما كان وجه للكفارة ، وإنما وجبت الكفارة على الزوج لكونه مكرها لها والفعل فعله ، والتسبيب لفعل الحرام وإن كان حراما لكنه لايلازم الحكم الوضعي ووجوب الكفارة .
(1) لكون المتبادر من الابتعاد عن النساء خصوص الاستمتاع بهن وهما اجنبيان عنه كما لايخفى .
(2) تشهد له مصححة ابي بصير قال : سألته عن رجل جهل أن يقصر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى ؟ قال : فليرجع الى منى حتى يحلق شعره بها أو يقصر وعلى الصرورة أن يحلق .
(3) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بإشتراك الناسي والجاهل في الحكم ، ولعل منشأ توقف الماتن دام ظله صحيحة مسمع قال سألت أبا عبدالله
=
( 302 )
وإذا تعذر عليه الرجوع أو تعسر ، حلق أو قصر في مكانه ، ويبعث بشعره إلى منى إن أمكنه ذلك(1).
ومن حلق رأسه في غير منى ـ ولو متعمداً ـ يجتزىء به(2)ولكن يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه إليها مع الامكان .
مسألة 319 : إذا لم يقصر ولم يحلق نسياناً أوجهلاً فذكره ، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج تداركه ، ولم تجب عليه إعادة الطواف
=
عليه السلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه ويقصّر حتّى نفر ، قال : " يحلق في الطريق أو أي مكان " ، وإطلاقها مقيّد بحالة عدم التمكّن من العود إلى منى لصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلق حتّى ارتحل من منى ، قال : " يرجع إلى منى حتّى يقصّر شعره بها حلقاً كان أو تقصيراً " ، وإن كان يمكن أن يحمل على الأفضلية لجملة من النصوص كمصححة ابي بصير الاخرى عنه عليه السلام في رجل زار البيت ولم يحلق رأسه ، قال : يحلق بمكة ويحمل شعره الى منى ، وليس عليه شيء .
(1) تدل عليه عدة من الروايات منها مصححة ابي بصير المتقدمة ، وصحيحة الثالثة عنه عليه السلام قال : ليس له أن يلقي شعره إلا بمنى .
(2) لمصححة ابي بصير الرابعة عنه عليه السلام في رجل زار البيت ولم يحلق رأسه ، قال : يحلق بمكة ويحمل شعره الى منى وليس عليه شيء " ، وإطلاقها يشمل من تعمد ترك الحلق في منى .
( 303 )
والسعي على الاظهر(1)، وإن كانت الاعادة أحوط(2).
طواف الحج وصلاته والسعي
الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج : الطواف
(1) لصحيحة ابن حمران قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل زار البيت قبل أن يحلق ؟ قال : لاينبغي إلا ان يكون ناسيا ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله أتاه أناس يوم النحر ، فقال بعضهم : يارسول الله ذبحت قبل أن أرمي ، وقال بعضهم : ذبحت قبل أن أحلق ، فلم يتركوا شيئاً أخروه وكان ينبغي أن يقدموه ولاشيئاً قدموه كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قال : لاحرج " ومثلها في الذيل صحيحة جميل وهما ظاهرتا الدلالة على عدم وجوب الاعادة ، أما صحيحة ابن يقطين عنه عليه السلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى زارت البيت فطافت وسعت من الليل ماحالها وما حال الرجل اذا فعل ذلك ؟ قال : لابأس به يقصر ويطوف بالحج ثم يطوف للزيارة ثم قد حل من كل شيء " فإطلاقها مقيد بصحيحة ابن حمران وجميل ، أو الحمل على الافضلية .
أما الجاهل فلعدم الخصوصية للناسي مضافا الى اشتراك الجاهل والناسي في معظم احكام الحج كما لايخفى المتتبع .
(2) خروجا عن خلاف الاجماع المدعى في المقام ، من وجوب الاعادة على الناسي والجاهل ، كما هو ظاهر إطلاق صحيحة ابن يقطين .
( 304 )
طواف الحج وصلاته والسعي .
الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج : الطواف وصلاته والسعي .
مسألة 320 : كيفية طواف الحج وصلاته والسعي وشرائطها هي نفس الكيفية والشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته وسعيها .
مسألة 321 : يستحب الإتيان بطواف الحج في يوم النحر(1)، الأحوط عدم تأخيره عن اليوم الحادي عشر(2)، وإن كان الظاهر جوازه، بل جواز التأخير عن أيام التشريق قليلا(3)بل إلى آخر ذي
(1) تشهد له موثقة اسحاق قال : سألت أبا ابراهيم عن زيارة البيت تؤخر الى يوم الثالث ، قال : تعجيلها أحب إلي وليس به بأس إن أخره " ، وفي صحيحة معاوية عنه عليه السلام في زيارة البيت يوم النحر ، قال : زره فإن شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولاتؤخر أن تزور من يومك ، فانه يكره للمتمتع أن يؤخر وموسع للمفرد أن يؤخر .
(2) خروجا عن خلاف من ذهب الى حرمة التأخير كالمفيد والمرتضى، كما هو مفاد بعض النصوص المحمولة على الكراهة لامحالة .
(3) ففي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح ، قال : لابأس أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق، ولكن لاتقرب النساء والطيب " ، ومثلها دلالة صحيحة هشام .
( 305 )
الحجة لايخلو من قوة(1).
مسألة 322 : الأحوط عدم تقديم طواف الحج وصلاته والسعي على الوقوفين في حج التمتع(2)، ولو قدمها جهلا ففي الاجتزاء بها إشكال ، وإن كان لايخلو عن وجه(3)، ويستثنى من الحكم المذكور :
(1) كما هو مقتضي إطلاق الصحيحتين المتقدمتين .
(2) بلا خلاف معتد به بل الاجماع بقسيمة عليه كما في الجواهر ، وفي المعتبر والمنتهى والتذكرة نسبته الى اجماع العلماء كافة ، واستقرب في المدارك الجواز وتوقف في الحدائق فيه ومال إليه في منتقي الجنان ولعله ظاهر العلامة في التحرير والتذكرة ، وقال الشيخ في الخلاف روى أصحابنا رخصة في تقديم الطواف والسعي قبل الخروج إلى منى وعرفات والافضل ان لايطوف طواف الحج الى يوم النحر إن كان متمتعا .
ومستند المشهور رواية ابي بصير قال : قلت رجل كان متمتعا وأهل بالحج، قال : لايطوف بالبيت حتى يأتي عرفات ، فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علة فلا يعتد بذلك الطواف " وفي سندها اسماعيل بن مرار والبطائني والاول ثقة ـ لما تقدم ـ والثاني قاطعه الاصحاب بعد توقفه ، وراجع المسألة 16 .
(3) لعله لصحيحتي حمران وجميل المتقدمتان في المسألة 319 ، وراجع المسألة 16 .
( 306 )
1 ـ المرأة التي تخاف الحيض أو النفاس(1).
2 ـ كبير السن والمريض والعليل(2)وغيرهم ممن يعسر عليه الرجوع الى مكة ، أو يعسر عليه الطواف بعد الرجوع لشدة الزحام ونحوها(3) .
3 ـ من يخاف أمرا لايتهيأ له معه الرجوع الى مكة(4).
(1) ففي مصححة علي بن ابي حمزة قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يدخل مكة ومعه نساء قد أمرهن فتمتعن قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة ، فخشي على بعضهن الحيض ، فقال : إذا فرغن من متعتهن وأحللن فلينظر إلى التي يخاف عليها الحيض فيأمرها فتغتسل وتهل بالحج من مكانها ، ثم تطوف بالبيت وبالصفا والمروة فإن حدث بها شيء قضت بقية المناسك وهي طامث " ، وفي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : لابأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير والمرأة تخاف الحيض قبل أن تخرج الى منى .
(2) ففي صحيحة اسماعيل بن عبدالخالق قال : سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول : لابأس أن يعجل الشيخ الكبير والمريض والمرأة والمعلول طواف الحج قبل أن يخرج الى منى .
(3) إذ منشأ الجواز هو ذلك وليست للمريض والشيخ والعليل خصوصية كما لايخفى .
(4) ففي صحيحة ابن يقطين قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لابأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل
=
( 307 )
فيجوز لهؤلاء تقديم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين بعد الإحرام للحج ، والأحوط الأولى إعادتها مع التمكن بعد ذلك إلى آخر ذي الحجة(1).
مسألة 323 : من يأتي بطواف الحج بعد الوقوفين يلزمه تأخيره عن الحلق والتقصير ، فلو قدمه عالما عامداً وجبت إعادته بعده(2)، ولزمته كفارة شاة(3).
مسألة 324 : العاجز في الحج عن مباشرة الطواف وصلاته والسعي حكمه حكم العاجز عن ذلك في عمرة التمتع ، وقد تقدم في المسألتين : 217 و 238 .
والمرأة التي يطرأ عليها الحيض أو النفاس ولايتيسر لها المكث لتطوف بعد طهرها تلزمها الاستنابة للطواف وصلاته ، ثم تأتي
=
خروجه الى منى ، وكذلك من خاف أمرا لايتهيأ له الانصراف الى مكة أن يطوف ويودع البيت ثم يمر كما هو من منى إذا كان خائفا .
(1) رعاية للترتيب والاحتياط حسن على كل حال .
(2) كما هو مقتضى وجوب الترتيب .
(3) تشهد له صحيحة ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في رجل زار البيت قبل أن يحلق ، فقال : إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم أن ذلك لاينبغي له فإن عليه دم شاة .
( 308 )
بالسعي بنفسها بعد طواف النائب .
مسألة 325 : إذا طاف المتمتع وصلى وسعى حل له الطيب وبقي عليه من المحرمات النساء ـ بالحد المتقدم ـ بل والصيد أيضا علىالاحوط(1) .
مسألة 326 : من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي إذا قدمهما على الوقوفين لايحل له الطيب حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير (2).
طواف النساء
الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج : طواف النساء وصلاته .
وهما وإن كانا من الواجبات(3)،
(1) راجع المسألة 317 .
(2) اذ الحل متوقف على الطواف والسعي في ظرف كونهما بعد الوقوفين لا قبلهما ، وبكلمة جامعة هو متوقف على والوقوفين واعمال يوم النحر .
(3) ذهب جماعة من الاعلام الى ان طواف النساء ليس من واجبات
=
( 309 )
=
الحج بل هو واجب مستقل خارج عن حقيقة الحج ، والظاهر ماعليه الماتن دام ظله من كونه من واجبات الحج ، يشهد لذلك صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : على المتمتع بالعمرة الى الحج ثلاثة أطواف بالبيت ، وسعيان بين الصفا والمروة ، وعليه اذا قدم مكة طواف بالبيت ، وركعتان عند مقام ابراهيم عليه السلام ، وسعي بين الصفا والمروة ، ثم يقصر وقد أحل ، هذا للعمرة وعليه للحج طوافان ، وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام " ، فقوله عليه السلام "للحج طوافان" صريح في الجزئية كما لايخفي .
وصحيحته الاخرى قال عليه السلام ـ في حديث ـ : فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء أحرمت منه إلا النساء ، ثم ارجع الى البيت وطف به أسبوعا آخر ثم تصلي ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام ثم قد أحللت من كل شيء وفرغت من حجك كله وكل شي أحرمت منه " ودلالتها كالسابقة ففراغة من حجه يكون بفراغه من طواف النساء وهذا صريح في الجزئية ، ودعوى بعض الفحول الأعاظم من كون طواف النساء مخرج عن الحج لاأنه جزء له نظير السلام على بعض الاقوال من عدم كونه جزء للصلاة ، يدفعها قوله عليه السلام "من حجك كله" فلو كان طواف النساء مخرج عن الحج لقال عليه السلام "وفرغت من حجك" ولاداعي للتأكيد بقوله "كله" الصريح على جزئية طواف النساء .
وذيل مصححة البطائني المتقدمة وفيها " قلت : أليس قد بقي طواف النساء ؟ قال : بلى ، فقلت : فهي مرتهنة حتى تفرغ منه ؟ قال : نعم ، قلت : فلم
=
( 310 )
=
لايتركها حتى تقضي مناسكها ؟ قال : يبقى عليها منسك واحد أهون عليها من أن يبقى عليها المناسك كلها مخافة الحدثان " فطواف النساء من مناسك الحج، والمناسك أعمال عبادية مرتبطة بالحج وجزء منه .
ويدل على المطلوب التعبير عن طواف النساء في بعض النصوص بالفريضة ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع الى اهله ؟ قال : لاتحل له النساء حتى يزور البيت ، فان هو مات فليقض عنه وليه او غيره ، فأما مادام حيا فلا يصلح ان يقضى عنه ، وإن نسي الجمار فليسا بسواء إن الرمي سنة والطواف فريضة " ومثلها صحيحة علي بن جعفر وابن يقطين ومصححة ابن البطائني فيمن نسى طواف الفريضة والمقصود منه طواف النساء ، فطواف النساء على غرار طواف الحج والعمرة والسعي والوقوف بالمشعر الحرام ، والوقوف بعرفة سنة كما في مرسل ابن فضال عن بعض اصحابنا عن ابي عبدالله عليه السلام .
أما قوله عليه السلام في صحيحتي معاوية والحلبي " وطواف بعد الحج وهو طواف النساء " أي بعد ماهو محقق لركنية الحج ، اذ يتم الحج بدونه ـ في بعض الحالات ـ كما هو صريح صحيحة الخزار " لايقيم عليها جمّالها ولاتستطيع أن تتخلف عن أصحابها تمضي وقد تم حجها " ، او لانصراف الحج الى الوقوفين وأعمال يوم النحر ، أو بمعنى وطواف بعد طواف الحج وهو طواف النساء ، وكونه لايقدح في صحة الحج لايدل بالضرورة على انه خارج عن اجزائه ، مضافا الى ان التخلص من لوازم ومحرمات الاحرام مطلقا لايتحقق الا بطواف النساء مع أن الاحرام انما هو للحج او العمرة فتأمل .
( 311 )
إلا أنهما ليسا من أركان الحج(1)، فتركهما ـ ولو عمداً ـ لايوجب فساد الحج(2) .
مسألة 327 : كما يجب طواف النساء على الرجال يجب على النساء ، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء ، ولو تركته المرأة حرم عليها الرجال(3) ، والنائب في الحج عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه(4).
مسألة 328 : طواف النساء وصلاته كطواف الحج وصلاته في الكيفية والشرائط ، وإنما الاختلاف بينهما في النية .
مسألة 329 : حكم العاجز عن الإتيان بنفسه بطواف النساء وصلاته حكم العاجز عن ذلك في طواف العمرة وصلاته ، وقد تقدم
(1) بلاخلاف أصلا ، وتشهد له النصوص .
(2) ولكن لاتحل له النساء ولايحل لها الرجال .
(3) بلا خلاف في ذلك للنصوص ، ففي صحيحة ابن يقطين قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن الخصيان والمرأة الكبيرة أعليهم طواف النساء ؟ قال : نعم عليهم الطواف كلهم .
(4) لكونه من واجبات الحج كما تقدم أو واجب مستقل ، لا أنه متفرع ـ كما عن بعض الاعاظم ـ عن التلبس بالاحرام حتى يكون واجبا على النائب لا المنوب عنه .
( 312 )
في المسألة 217 .
مسألة 330 : من ترك طواف النساء سواءٌ أكان متعمداً ـ مع العلم بالحكم أو الجهل به ـ أم كان ناسياً وجب عليه تداركه ، ولاتحل له النساء قبل ذلك .
ومن تعّذر المباشرة أو تعسرها تجوز له الاستنابة(1)، فإذا طاف النائب عنه حلت له النساء .
فإذا مات قبل تداركه فإن قضاه عنه وليّه أو غيره فلا إشكال(2)، وإلا فالاحوط أن يُقضى من تركته من حصص كبار الورثة برضاهم .
* مسألة 331 : النائب عن المستطيع العاجز عن الحج بنفسه اذا ترك طواف النساء حرمت عليه النساء لا على المنوب عنه .
* مسألة 332 : إذا ترك طواف النساء في العمرة المفردة وأحرم من المواقيت لعمرة التمتع ، فلايخلو عن إشكال وإن كان الاقرب
(1) لمشروعية النيابة في الطواف مع العجز عنه .
(2) ففي صحيحة معاوية قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : لاتحل له النساء حتى يزور البيت ، وقال : يأمر من يقضي عنه ان لم يحج ، فان توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره .
( 313 )
الجواز(1)، ويجوز الاتيان به بعد إعمال عمرة التمتع ، وكذا لايبعد جواز الإتيان بالعمرة المفردة قبل طواف النساء في الحج وإن كان الاحتياط في محله .
* مسألة 333 : إذا أخر طواف النساء للعمرة المفردة حتى اتى باعمال الحج فيلزمه حينئذ طوافان للنساء على الاحوط(2)، ومن اعتمر عدة مرات ولم يطف طواف النساء فيها فلا يكفيه على الاحوط طواف واحد للجميع بل يأتي بطواف النساء بعددها .
مسألة 334 : لايجوز تقديم طواف النساء على السعي ، فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد السعي ، وإن كان عن جهل أو نسيان أجزأه على الاظهر(3)،
(1) على القول بكونه من أجزاء الحج لا واجب مستقل الاشكال محكم، وقد تقدم انه من فرائض الحج .
(2) اذ بعض فرض كونه من اجزاء ومناسك الحج فلا تداخل ، نعم على بعض المباني من كونه مسبب عن التلبس بالاحرام ربما يقال بالتداخل .
(3) ففي موثقة سماعة عن ابي الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال: لايضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجه " وإطلاقها يشمل العالم العامد والجاهل والناسي ، إلا أنها مقيدة بالجاهل والناسي لوجوب الترتيب
=
( 314 )
وإن كانت الاعادة أحوط(1).
* مسألة 335 : إذا اتى بطواف النساء في العمرة المفردة قبل
=
وعدم تأتي القربة والتقرب للعامد العالم ، نعم يمكن أن يستشعر من مرسل احمد بن محمد عمن ذكره قال : قلت لابي الحسن عليه السلام : جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج ، ثم طاف طواف النساء ، ثم سعى ، قال : لايكون السعي إلا من قبل طواف النساء ، فقلت : أفعليه شيء ، فقال : لايكون السعي إلا قبل طواف النساء " شمول الاجزاء للعالم إذ لو كان عليه شيء لنبّه عليه الامام عليه السلام ، وظاهرها أنها في العالم لا الجاهل والناسي فتأمل.
ويدل على الاجزاء في حالة الجهل والنسيان صحيحة جميل وابن حمران والتي فيهما " فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه الا قدموه ، فقال : لاحرج".
ودعوى بعض الاعلام المعاصرين اختصاص ذلك بمناسك الحج في منى ، في غاية الضعف ، إذ ان صحيحة جميل السؤال حول من زار البيت قبل ان يحلق فأجابه الامام عليه السلام : إن رسول الله صلى الله عليه واله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم يارسول الله اني حلقت قبل أن اذبح وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئا ... ، فيمكن من خلالها استحصال قاعدة كلية في أعمال الحج والعمرة من إجزاء الاخلال بالترتيب الناشىء عن الجهل والنسيان إلا ما قام الدليل على خلافه .
(1) رعاية للترتيب .
( 315 )
التقصير جهلا أو نسيانا فالاحوط لزوما اعادته مع صلاته(1)، وكذا اذا اتي بالتقصير بعد طواف النساء ثم إلتفت الى خطأه .
مسألة 336 : يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين للطوائف المذكورة في المسألة 412 ، ولكن لاتحلّ لهم النساء قبل الإتيان بمناسك مِنى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير .
مسألة 337 : إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طُهرها ولم تستطع التخلف عنها ، جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة(2) ، والاحوط حينئذ أن تستنيب لطوافها ولصلاته(3). وإذا كان حيضها بعد إتمام الشوط الرابع من طواف النساء ، جاز
(1) لعدم الدليل على الاجزاء ، والنصوص السابقة مختصة بطواف النساء في الحج ، مع احتمال عدم الخصوصية .
(2) ففي صحيحة الخزاز قال : كنت عند ابي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه رجل فقال : اصلحك الله إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ، فأبى الجمّال أن يقيم عليها ، قال : فأطرق وهو يقول : لاتستطيع أن تتخلف عن اصحابها ولايقيم عليها جمالها ، تمضي فقد تم حجها .
(3) مع التمكّن ، لمشروعية الاستنابة في طواف النساء ، ورعاية للاحتياط سيّما في الفروج ، وخلو الصحيحة المتقدمة من الاشارة الى الاستنابة مع كونها في مقام البيان .
( 316 )
لها ترك الباقي والخروج مع القافلة ، والأحوط الاستنابة لبقيّة الطواف ولصلاته .
مسألة 338 : نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف العمرة ، وقد تقدم حكمه في المسألة 222 .
مسألة 339 : إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى صلاته حلت له النساء ، وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حلّ لها الرجال ، فتبقى حرمة الصيد الى الظهر من اليوم الثالث عشر على الاحوط ، وبعده يحل المحرم من كل ما أحرم منه ، وأما محرمات الحرم فقد تقدم في الصفحة (151) أن حرمتها تعمّ المحرم والمحل .
المبيت في منى
الواجب الثاني عشر من واجبات الحج : المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر .
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، فإذا خرج الحاج الى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في مكة ، ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث
عشر أيضا (1) ، وكذلك من أتى النساء على الاحوط (2) .
وتجوز لغيرهما الإفاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر ، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضا الى طلوع الفجر (3) .
مسألة 340 : إذا تهيأ للخروج وتحرك من مكانه ولم يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام ونحوه ، فإن أمكنه المبيت وجب ذلك (4) ، وإن لم يمكنه أو كان المبيت حرجياً جاز له الخروج ، وعليه
(1) نصاً واجماعاً .
(2) ففي رواية محمد بن المستنير عن ابي عبدالله عليه السلام قال : من أتى النساء في احرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الاول " وهي ضعيفة بابن المستنير فإنه لم يوثق بل لم يذكر في المعاجم الرجالية ، إلا اذا كان المقصود منه سلام بن المستنير فهو من أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهم السلام، إلا ان الحكم مجمع عليه بين العلماء كافة كما في المنتهى والمدارك ، فالتوقف في محله لو لم يكن متابعة المشهور والمجمع عليه هو الاصوب .
(3) تشهد له بعض الصحاح .
(4) لاطلاق صحيحة الحلبي وفيها " من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس ، فإن أدركه المساء بات ولم ينفر " فلم تفصل بين من تهيأ وغيره.
( 318 )
دم شاة على الاحوط(1).
مسألة 341 : لايعتبر في المبيت بمنى البقاء فيها تمام الليل إلا في المورد المتقدم ، فإذا مكث فيها من أول الليل الى منتصفه جاز له الخروج بعده(2) .
وإذا خرج منها أول الليل أو قبله لزمه الرجوع إليها قبل طلوع الفجر(3) ، بل قبل انتصاف الليل على الاحوط(4).
(1) راجع المسألة 345 .
(2) ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : لاتبت ليالي التشريق إلا بمنى ، فإن بت في غيرها فعليك دم ، فإن خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل إلا وانت في منى ، إلا أن يكون شغلك نسكك ، او قد خرجت من مكة ، وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك أن تصبح في غيرها .
(3) تشهد له صحيحة جميل عن ابي عبدالله عليه السلام قال : إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بها " وفي صحيحة العيص "إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا وهو بمنى " ، وفي صحيحة ابن مسلم " في الزيارة اذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بمنى".
(4) كما هو صريح صحيحة معاوية المتقدمة وصحيحة ابن ناجية وفيها " إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا وهو بمنى ، واذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها " فتقيّد الصحاح السابقة .
( 319 )
والاحوط الاولى لمن بات النصف الأول ثم خرج أن لايدخل مكة قبل طلوع الفجر(1).
مسألة 342 : يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى عدة طوائف :
1 ـ من يشق عليه المبيت بها أو يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله إذا بات فيها(2).
2 ـ من خرج من منى أول الليل أو قبله ، وشغله عن العود إليها قبل انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الاشتغال بالعبادة في مكة في تمام هذه الفترة(3)، إلا فيما يستغرقه الإتيان بحوائجه الضرورية
(1) خروجا عن خلاف الشيخ وابن ادريس وابن حمزة من عدم جواز دخول مكة قبل الفجر ، ومستمسك الجواز صحيحة العيص وفيها : وإن زار بعد نصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح وهو بمكة .
(2) بلا خلاف بين الاصحاب كما صرح بذلك صاحب الجواهر ، لنفي العسر والحرج والضرر .
(3) لجملة من النصوص ، منها صحيحة معاوية المتقدمة ، وصحيحة صفوان قال : قال ابو الحسن عليه السلام : سألني بعضهم عن رجل بات ليالي منى بمكة ؟ فقلت : لاأدري ، فقلت له : جعلت فداك ماتقول فيها ؟ فقال : عليه دم شاة إذا بات ، فقلت : إن كان إنماحبسه الذي كان فيه من طوافه وسعيه لم يكن لنوم ولالذة ، أعليه مثل ماعلى هذا ؟ قال : ماهذا بمنزلة هذا ، وما احب أن
=
( 320 )
كالاكل والشرب ونحوهما .
3 ـ من خرج من مكة للعود إلى منى فجاوز عقبة المدنيين(1)، فإنه يجوز له أن ينام في الطريق(2)قبل أن يصل الى منى .
=
ينشق له الفجر إلا وهو بمنى " وصحيحة معاوية الاخرى قال : وسألته عن الرجل زار عشاء فلم يزل في طوافه ودعائه وفي السعي بين الصفا والمروة حتى يطلع الفجر ؟ قال : ليس عليه شيء كان في طاعة الله " وغيرها من النصوص وكلها تشير على أن العبادة هي الاشتغال بالنسك الواجب ، نعم يمكن أن يستفاد من التعليل في ذيل صحيحة معاوية "كان في طاعة الله" شمولها لكل عبادة فتدبر .
(1) وقيده السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بمن طاف بالبيت ثم خرج من مكة ، كما هو ظاهر النصوص الاتية .
(2) لعدة من النصوص ، ففي صحيحة ابن اسماعيل عن ابي الحسن عليه السلام في الرجل يزور فينام دون منى ، فقال : اذا جاز عقبة المدنيين فلا بأس أن ينام " ، وفي صحيحة ابن دراج عنه الصادق عليه السلام قال : من زار فنام في الطريق فان بات بمكة فعليه دم ، وإن كان قد خرج منها فليس عليه شيء وإن اصبح دون منى " ، وصحيحة ابن الحكم عنه عليه السلام قال : إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شيء عليه " ، وراجع صحيحة معاوية المتقدمة ، وكلها تدل على جواز ذلك فيما كان بعد الزيارة ، والقدر المتيقن منها أداء المناسك المفروضة، وإن
=
( 321 )
* مسألة 343 : من اراد الرجوع الى منى للمبيت فمنعه الزحام من ذلك فإن خرج من مكة فلا شيء عليه وإن بات فيها لزمته كفارة شاة على الاحوط .
* مسألة 344 : لو كان الحاج يسكن في منطقة العزيزية او الشيشة اللّتان تقعان بعد عقبة المدنيين لايجوز له المبيت فيهما اذا خرج من مكة القديمة بل لابد من الذهاب الى منى(1).
4 ـ أهل سقاية الحاج بمكة(2).
مسألة 345 : من ترك المبيت بمنى فعليه دم شاة عن كل ليلة(3)، ولادم على الطائفة الثانية والثالثة والرابعة ممن تقدم(4)، والأحوط
=
كان اللفظ يتناول مطلق الزيارة للبيت حتى وإن كان للنظر إليه .
(1) تشهد له صحيحة هشام ابن الحكم المتقدمة ، هذا على فرض الالتزام بإتساع مكة ، ومعه فالتقييد بعقبة المدنيين منافيا له ، فراجع باب المواقيت .
(2) ففي الصحيح عن ابي جعفر عليه السلام : إن العباس استأذن رسول الله صلى الله عليه واله أن يبيت بمكة ليالي منى ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه واله من أجل سقاية الحاج .
(3) نصاً واجماعاً .
(4) كما يستفاد من النصوص .
( 322 )
ثبوت الدم على الطائفة الاولى(1)، وكذا على من ترك المبيت نسيانا أو جهلا منه بالحكم(2).
مسألة 346 : من أفاض من منى ثم رجع إليها بعد دخول الليل في الليلة الثالثة عشر لحاجة ، لم يجب عليه المبيت بها(3).
* مسألة 347 : إذا اتى الحاج برمي الجمار الثلاث في صباح اليوم الثاني عشر ، فإن أبقى علقة له بمنى يجوز الرجوع الى منزله بمكة ثم العود الى منى للنفر ، وإلا لم يجز له ذلك وإن كان عازما على العود على الاحوط(4)، ولايجب ان يكون عوده إليها قبل الزوال بل يجوز
(1) لاطلاق أدلة الكفارة في المقام ، وغاية ادلة العسر والحرج رفع الحكم التكليفي دون الوضعي ، وجزم بعض المعاصرين الاعاظم بوجوبها .
(2) لما سبق ، وإن كان لايبعد عدم الكفارة ، للنصوص الدالة على أن من ارتكب امراً بجهالة فلا شيء عليه ، وقواه بعض الاعاظم من تلامذة السيد قدس سره وجزم به بعض الاعاظم المعاصرين .
(3) لعدم الدليل ، بل الدليل على العدم ، ففي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس فان ادركه المساء بات ولم ينفر " ومثلها دلالة صحيحة معاوية .
(4) والظاهر من السيد الخوئي وبعض أعاظم تلامذته جوازه ، ولعله يستفاد من صحيحة الحلبي عنه عليه السلام أنه سئل عن الرجل ينفر في النفر
=
( 323 )
أن يعود إليها بعده فينفر قبل الغروب أو في نهار اليوم الثالث عشر بعد الرمي .
رمي الجمار
الثالث عشر من واجبات الحج : رمي الجمرات الثلاث : الاولى والوسطى وجمرة العقبة(1).
=
الاول قبل ان تزول الشمس ؟ فقال : لا ، ولكن يخرج ثقله إن شاء ، ولايخرج هو حتى تزول الشمس " وعن علي ـ لعله البطائني ـ عن احدهما عليهما أنه قال : في رجل بعث بثقله يوم النفر الاول وأقام هو الى الاخير ، قال : هو ممن تعجل في يومين .
(1) بلا خلاف كما في السرائر ، وفي المنتهى لانعلم فيه خلافا ، وعن الخلاف الاجماع على وجوب الترتيب بين رمي الجمار الثلاث ووجوب القضاء ، وعده في التبيان من المسنونات أي ماثبت بالسنة ، نعم ظاهر التهذيبين الاستحباب وهو شاذ لايلتفت إليه للنصوص المستفيضة .
والعجب من بعض الاعلام المعاصرين استظهاره عدم كون الرمي من واجبات الحج وأجزائه ، بل هو واجب مستقل كالمبيت بمنى أيضا ، بدعوى وقوعه بعد طواف النساء وهو بعد الحج فما بعده يكون خارجا عن حقيقة
=
( 324 )
ويجب الرمي في اليوم الحادي عشر ،والثاني عشر ، وإذا بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضا على الاحوط(1) .
ويعتبر في الجمرات المباشرة ، فلا تجوز الاستنابة اختياراً .
=
الحج ، مضافا الى عدم بطلان الحج بتركه عمدا وهو مشعر بعدم الجزئية ، وقد تقدم ان طواف النساء جزء من الحج ومناسكه فراجع ، مضافا الى قوله عليه السلام في صحيحة ابن أُذنية قال : سألته عن قول الله تعال ( الحج الاكبر) ؟ قال : الحج الاكبر الوقوف بعرفة ورمي الجمار " ، وكونه جزئا لايلازم بطلان الحج بتركه عمدا ، لكثرة الاحكام المخالفة للقواعد في الحج والعمرة .
(1) اجماعا كما عن بعض ، ودليله غير واضح ، إلا مايظهر من صحيحة معاوية في كيفية حج الرسول صلى الله عليه واله وفيها " زار البيت رجع الى منى فأقام بها حتى كان اليوم الثالث عشر من آخر أيام التشريق ثم رمى الجمار ونفر " وفعله صلى الله عليه واله مجمل لايدل على الوجوب خاصة ، إلا أن صحيحة معاوية الاخرى وفيها " إذا اردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس ، وإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الاخير فلا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده " وفي نسخ الكافي بلا زيادة "ورميت" ورواها الشيخ عنه بالزيادة ، كما ان الصدوق رواها من كتاب معاوية بزيادة اللفظة المزبورة ، وهذا مايجعلنا نجزم بثبوتها ، وزيادتها لاتوجب الاخلال بالرواية وعدم المناسبة كما في بعض الكلمات .
( 325 )
مسألة 348 : يجب الابتداء برمي الجمرة الاولى ، ثم الجمرة الوسطى ثم جمرة العقبة ، ولو خالف وجب الرجوع الى مايحصل به الترتيب ، ولو كانت المخالفة عن جهل أو نسيان(1).
نعم ، إذا نسي أو جهل فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها أربع حصيات أجزأه اكمالها سبعا ، ولايجب عليه إعادة رمي اللاحقة(2).
مسألة 349 : ماذكرناه من واجبات رمى جمرة العقبة في الصفحة (253) يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها .
مسألة 350 : يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار(3)، ويستثنى
(1) كما هو مقتضي القاعدة ، مضافا الى الروايات الناصة على ذلك .
(2) تدل عليه صحيحة معاوية عنه عليه السلام في رجل رمى الجمرة الاولى بثلاث والثانية بسبع والثالثة بسبع ، قال : يعيد ويرميهن جميعا بسبع سبع ، قلت : فإن رمى الاولى بأربع والثانية بثلاث والثالثة بسبع ، قال : يرمي الجمرة الاولى بثلاث والثانية بسبع ويرمي جمرة العقبة بسبع ، قلت : فانه رمى الجمرة الاولى بأربع والثانية بأربع والثالثة بسبع ، قال : يعيد فيرمي الاولى بثلاث والثانية بثلاث ولايعيد على الثالثة .
(3) لمجموعة من الروايات ، منها صحيحة صفوان بن مهران قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إرم الجمار مابين طلوع الشمس الى غروبها .
( 326 )
من ذلك الرعاة وكل معذور عن المكث في منى نهارا لخوف أو مرض أو علة أخرى ، فيجوز له رمي كل نهار في ليلته(1)، ولو لم يتمكن من ذلك جاز الجميع في ليلة واحدة .
مسألة 351 : من ترك الرمي فى اليوم الحادي عشر نسيانا أو جهلا وجب عليه قضاؤه في اليوم الثاني عشر ، ومن تركه في اليوم الثاني عشر كذلك قضاه في اليوم الثالث عشر(2)، والمتعمد بحكم الناسي
(1) ففي صحيحة ابن مسلم المتقدمة ـ مرارا ـ في الخائف أنه لابأس بأن يرمي الجمار بالليل ويضحي بالليل ويفيض بالليل " ، وفي موثقة سماعة عنه عليه السلام أنه كره رمي الجمار بالليل ورخص للعبد والراعي في رمي الجمار ليلا .
* فالنساء والصبيان والضعفاء ممن جوز لهم الافاضة ورمي جمرة العقبة ليلة العيد ، فإن لم يكونوا معذورين في المكث بمنى نهاراً بمقدار الرمي فمع عدم تيسر الرمي لهم في النهار لكثرة الزحام او لغيرها عليهم ان يستنيبوا لذلك، وإن كان الاحوط الاول الجمع بين الرمي ليلا والاستنابة في النهار .
(2) ففي صحيحة ابن سنان قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى الى منى فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت الشمس ، قال : يرمي إذا اصبح مرتين : مرة لما فاته ، والاخرى ليومه الذي يصبح فيه ، وليفرّق بينهما ، يكون احدهما بكرة وهي للامس والاخرى عند زوال الشمس .
( 327 )
والجاهل على الاحوط(1).
والأحوط أن يفرق بين الاداء والقضاء ، وإن يقدم القضاء على الاداء(2) ، والاحوط الاولى أن يكون القضاء أول النهار والاداء عند الزوال(3) .
مسألة 352 : من ترك رمي الجمار نسيانا أو جهلا فذكره أو علم به في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها(4)، وإذا كان
(1) ان لم يكن أولى ، ويمكن ان يستفاد ذلك من حسنة عمر بن يزيد عنه عليه السلام قال : من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل ، فان لم يحج رمى عنه وليه ، فان لم يكن له ولي يستعان برجل من المسلمين يرمي عنه فانه لايكون رمي الجمار الا أيام التشريق " وفي سندها محمد بن عمر بن يزيد ذكره الشيخ والنجاشي في أصحابنا المصنفين ولم يوثقاه .
(2) كما هو مقتضى صحيحة ابن سنان ، وإنما لم يجزم الماتن دام ظله ، لقيام الاجماع على استحباب التفريق ، مضافا الى ان صحيحة ابن سنان واردة فيمن ترك جمرة العقبة
(3) لصححية ابن سنان وقد عرفت أنها في خصوص نسيان او ترك جمرة العقبة .
(4) ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : ماتقول في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت الى مكة ؟ قال : فلترجع فلترم الجمار كما كانت
=
( 328 )
المتروك رمي يومين أو ثلاثة فالاحوط أن يقدم الاقدم فواتاً ، ويفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بمقدار من الوقت(1).
وإذا ذكره أو علم به بعد خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع لتداركه(2) ، والأحوط الأولى أن يقضيه في السنة القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج(3).
=
ترمي والرجل كذلك " وفي صحيحة الاخرى قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام رجل نسي رمي الجمار ، قال : يرجع فيرميها ، قلت : فانه نسيها حتى اتى مكة ، قال : يرجع فيرمي متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة ، قلت: فإنه نسي حتى فاته وخرج ، قال : ليس عليه أن يعيد .
(1) كما هو مقتضي صحيحة معاوية المتقدمة ، وإنما لم يجزم الماتن دام ظله لعدم عمل المشهور بها ، والله العالم .
(2) يشهد له إطلاق صحيحة معاوية المتقدمة .
(3) لحسنة عمر بن يزيد عنه عليه السلام قال : من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل ، فان لم يحج رمى عنه وليه ، فان لم يكن له ولي يستعان برجل من المسلمين يرمي عنه فانه لايكون رمي الجمار الا أيام التشريق " وفي سندها محمد بن عمر بن يزيد ذكره الشيخ والنجاشي في أصحابنا المصنفين ولم يوثقاه وعده ابن داود من الثقات .
قال في الرياض لم نر مصرحا بالاستحباب عد الماتن والفاضل فيما
=
( 329 )
مسألة 353 : المعذور الذي لايستطيع الرمي بنفسه ـ كالمريض ـ يستنيب غيره(1) ، والأولى أن يحضر عند الجمار مع الإمكان ويرمي
=
حكي عنه من التبصرة ، وأما باقي الاصحاب فهم بين مصرح بالوجوب، كالشيخ في التهذيبين والخلاف والشهيدين في الدروس والمسالك والروضة، وباللزوم ، كالحلبي فيما حكي ، او أمر به كالشيخ في النهاية والحلي في السرائر والفاضل في التحرير والقواعد وابن زهرة في الغنية مدعيا عليه إجماع الطائفة ، وحينئذ فتكون الرواية حجة ، يقيد بها الأصل والصحيحان ، بحمل الشيء والاعادة فيهما على مايجامع الرواية ، بأن يراد بالشيء نحو الكفارة ، او الاعادة في هذه السنة ، وعليها يحمل الإعادة المنفية في الرواية الثانية ، مضافا إلى احتمالها الحمل على ماذكره بعض الاجلة ، فقال : ويحتمل أن يكون إنما اردا أنه نسي التفريق ، انتهى .
قلت : فالاحتياط الوجوبي متعين إن توقفنا في سند الرواية .
(1) بلا خلاف أصلا ، وتشهد له النصوص ، ففي صحيحة معاوية وابن الحجاج عنه عليه السلام قال : الكسير والمبطون يرمي عنهما " ، وفي موثقة اسحاق أنه سأل ابا الحسن عليه السلام عن المريض ترمى عنه الجمار ؟ قال : نعم ، يحمل الى الجمرة ويرمى عنه ، قلت : لايطيق ذلك ، قال : يترك في منزله ويرمي عنه " وفي صحيحة حريز قال : سألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه؟ فقال : نعم إذا كان لايستطيع .
( 330 )
النائب بمشهد منه(1)، وإذا رمى عنه مع عدم اليأس من زوال عذره قبل انقضاء الوقت فاتفق زواله فالاحوط أن يرمي بنفسه أيضا(2)، ومن لم يكن قادرا على الاستنابة ـ كالمغمى عليه ـ يرمي عنه وليه أو غيره(3).
مسألة 354 : من ترك رمي الجمار في أيام التشريق متعمداً لم يبطل حجه(4)، والاحوط أن يقضيه في العام القابل بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج(5) .
* مسألة 355 : وقد تسأل ما هي وظيفة المرأة في رمي الجمار في الحالات التالية .
(1) كما هو مقتضي موثقة اسحاق ، وظاهرها الوجوب ، وظاهر الاصحاب ـ كما في المستند ـ على القول بالاستحباب ، بل لم يعرف قائل بالوجوب ، والله العالم .
(2) إذ الادلة فى مشروعية النيابة مطلقة تشمل ماكان مأيوسا من برئه وما احتمل او ظن او لم يعلم بذلك ، إلا ان يستفاد من صحيحة حريز المتقدمة احراز اليأس لصحة النيابة كما هو مقتضى الحكم الاضطراري .
(3) كما هو مفاد جملة من النصوص .
(4) بلا خلاف في ذلك .
(5) لعله لحسنة عمر بن يزيد المتقدمة .
( 331 )
1 ـ إذا كان الزحام شديداً بحيث لاتتمكن من مباشرة الرمي ولكن احتملت أن يخف الزحام بعد ذلك ؟
والجواب : يجوز لها الاستنابة حينئذٍ ولكن إذا تمكنت بعد ذلك من الرمي مباشرة لزمها ذلك .
2 ـ اذا علمت أن الزحام سوف يخف بعد ذلك فتتمكن من الرمي بنفسها .
والجواب : لامورد للاستنابة حينئذٍ فعليها الانتظار حتى تتمكن من الرمي مباشرة .
3 ـ اذا ذهبت الى مرمى الجمار فرأت شدة الزحام وحصل لها اليأس من مباشرة الرمي الى آخر الوقت .
والجواب : عليها أن تستنيب غيرها لذلك .
4 ـ إذا استنابت ثم علمت بارتفاع الزحام اثناء النهار .
والجواب : عليها العود الى المرمى للرمي بنفسها .
5 ـ اذا رمت ليلاً ثم ارتفع الزحام نهاراً .
والجواب : السؤال مبني على جواز الرمي ليلا للمرأة وغيرها ممن يخاف الزحام في النهار ولكنه ممنوع عندنا .
6 ـ اذا استنابت في الرمي مع تمكنها من المباشرة جهلا بالحكم.
والجواب : يلزمها الاعادة مع بقاء الوقت والقضاء مع انقضائه .
7 ـ في حالات وجوب القضاء هل يجوز لها قضاء الرمي ليلا .
والجواب : لا بل يلزمها القضاء نهاراً
فصل في النيابة
مسألة 356 : يعتبر في النائب أمور :
الاول : البلوغ(1)، فلا يجزىء حج الصبي عن غيره في حجة الاسلام وغيرها من الحج الواجب وإن كان الصبي مميزاً على الاحوط(2) ، نعم لايبعد صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي(3) .
(1) لعدم الجزم بمشروعية نيابة الصبي في الحج الواجب فتبقى ذمة المنوب عنه غير فارغة ، إذ القاعدة الاولية تقتضي عدم صحة النيابة عن الغير في العبادات ، وأدلة النيابة لاإطلاق فيها حتى تشمل الصبي ، مضافا الى أن النيابة من سنخ المعاملات على الاتيان بأعمال عبادية فيشترط فيها البلوغ كسائر المعاملات ، فتأمل .
(2) وبه جزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته .
(3) لمشروعية عبادته ، وكون المناط في مشروعية النيابة في
=
( 333 )
الثاني : العقل ، فلا تجزىء استنابة المجنون ، سواء في ذلك ماإذا كان جنونه مطبقا ، أم أدواريا إذا كان العمل في دور جنونه(1)، وأما السفيه فلا بأس باستنابته(2).
الثالث : الإيمان ، فلا عبرة بنيابة غير المؤمن وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا على الاحوط(3).
=
المستحبات هو ايصال الثواب الى المنوب عنه .
(1) بلا خلاف في ذلك عقلا وشرعا .
(2) إذ الحجر على أمواله لاينافي النيابة كما هو واضح .
(3) وبه جزم جملة من الاعلام منهم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته ، والوجه في ذلك انّ الإيمان شرط في صحّة العمل ـ كما هو الصحيح ـ وتدل عليه الروايات الكثيرة، وعدم وجوب قضاء الصلاة والحجّ والصيام بعد الاستبصار لايلزم منه صحة عمله ، بل كان ذلك رحمةً وتحنّنا وتفضلا عليه، كما هو الشأن بالنسبة للكافر إذا أسلم .
ويؤيّد بل يدل عليه موثق عمار بن موسى عن الصادق عليه السلام في الرجل يكون عليه صلاة أو صوم هل يجوز أن يقضيه غير عارف ؟ قال : " لا يقضيه إلاّ مسلم عارف " والصلاة والصوم من باب المثال لا الخصوصية ، ولايشكل بضعف السند للارسال فان الحديث رواه ابن طاوس في غياث سلطان الورى بسنده الى عمار وسنده يمر عبر زعماء الطائفة ـ كالشيخ الطوسي والصدوق والكليني والتلعكبري والزراري وكذا ابن عقدة ـ وأسانيدهم الى
=
( 334 )
الرابع : أن لايكون النائب مشغول الذمة بحج واجب عليه في عام النيابة إذا تنجز الواجب عليه(1)، ولابأس باستنابته فيما إذا كان جاهلا بالوجوب أو غافلا عنه ، وهذا الشرط شرط في صحة الإجارة لافي صحة حج النائب ، فلو حج ـ الحال هذه ـ برئت ذمة المنوب عنه(2) ، ولكنه لايستحق الاجرة المسماة ، بل يستحق أجرة المثل(3).
=
عمار صحيحة ، وقد صرح في فلاح السائل بعد ذكرِ اسانيده الى شيخ الطائفة : وراويتي هذه اشتملت على راويتي عنه للكتب والاصول والمصنفات وبعيد ان يكون قد خرج عنها شيء من الذي أذكره من الروايات ، ورواه ايضا الشهيد الاول في الذكرى عن كتاب عمار وسنده كما في الاجازات يشمل جميع مارواه الشيخ في الفهرست وغيره ، فالتوقف في السند حينئذ حرفة العاجز .
(1) ففي صحيحة الاعرج أنه سأل أبا عبدالله عليه السلام عن الصرورة، أيحج عن الميت ؟ فقال : نعم ، إذا لم يجد الصرورة مايحج به ، فإن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله ، وهو يجزي عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال " ، وفي صحيحة سعد بن ابي حلف الزهري قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الرجل الصرورة ... وهي تجزي عن الميت إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال .
(2) كما هو مقتضى الصحيحتين السابقتين .
(3) لبطلان الاجارة ، وبما ان الحج كان بامر المستأجِر فيستحق أجرة
=
( 335 )
مسألة 357 : لايتعبر في النائب أن يكون عادلا ، ولكن يعتبر أن يكون موثوقا به في أصل إتيانه العمل نيابة عن المنوب عنه ، وفي كفاية إخباره مع عدم الوثوق إشكال(1).
مسألة 358 : يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه إتيان النائب بالعمل صحيحا ، فلا بد من معرفته بأعمال الحج وأحكامه وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كل عمل ، ومع الشك في إتيانه بها على الوجه الصحيح ـ ولو لاجل الشك في معرفته باحكامهاـ فلا يبعد البناء على الصحة(2) .
* مسألة 359 : النائب يعمل على طبق تقليد نفسه(3)، نعم إذا كان اجيراً وفرض تقييد متعلق الاجارة بالصحيح في نظر المنوب عنه أوالمستأجِر صريحا أو لانصراف إطلاقه إليه كانت وظيفته حينئذ العمل بمقتضاه(4)مالم يتيقن بفساد العبادة معه(5).
=
المثل ، إلا اذا كان المستأجِر اشترط صحة الاجارة فلا يستحق شيئا .
(1) لعدم إحراز الصحة .
(2) لاصالة الصحة .
(3) لكونه هو الصحيح بنظر الاجير اجتهادا او تقليدا .
(4) لكونه صحيح شرعا فتصح الاستنابة عليه وبذل المال أزائه .
(5) لعدم المشروعية حينئذ .
( 336 )
مسألة 360 : لابأس بالنيابة عن الصبي المميّز ، كما لابأس بالنيابة عن المجنون(1) ، بل إذا كان مجنونا أدواريا وعلم بمصادفة جنونه لأيام الحج دائما وجبت عليه الاستنابة حال إفاقته(2)، كما يجب الاستئجار عنه إذا استقر عليه الحج في حال إفاقته وإن مات مجنوناً(3) .
مسألة 361 : لاتشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه ، فتصح نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس(4).
مسألة 362 : لابأس باستنابة الصرورة عن الصرورة وغير الصرورة(5) ، وقيل بكراهة استنابة الصرورة(6)ولم يثبت ، بل لايبعد
(1) لإطلاق أدلة النيابة وشمولها لهما .
(2) لكون القيام بأعمال الحج من مقدمات الواجب لاالوجوب .
(3) ووجه واضح .
(4) ففي صحيحة حكم عنه عليه السلام قال : يحج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل والمرأة عن المرأة .
(5) لعموم بعض الأدلة وإطلاق الاخرى .
(6) استظهره صاحب الجواهر ، وقيل بتأيده بمكاتبة ابراهيم بن عقبة عن ابي جعفر عليه السلام قال : كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحج قط حج عن صرورة لم يحج قط أيجزي كل واحد منهما تلك الحجة عن حجة
=
( 337 )
=
الإسلام أو لا ؟ بين لي ذلك ياسيدي إن شاء الله ، فكتب عليه السلام : لايجزي ذلك " وهي كما ترى أجنبية عن المقام .
وقال الشيخ في النهاية والمبسوط والتهذيب بعدم جواز نيابة المرأة الصرورة مطلقا ، وفي الاستبصار بعدم ذلك عن الرجل فقط .
وقال في الحدائق بعد ان نقل الاقوال في المسألة : وكيف كان فما ذكره الشيخ ـوهو عدم جواز نيابة المرأة الصرورة عن الرجل والمرأة ـ هو الاوفق بالاحتياط ولاسيما في باب الحج الذي قد عثرت فيه أقدام جملة من صرورة العلماء فضلا عن غيرهم ، فالواجب تقييد نيابة المرأة بكونها قد حجت أولاً سيما مع كونها فقيه عارفة ، والله العالم .
قلت : وما افاده قدس سره هو الصواب ، اذ الروايات في المقام على ثلاث طوائف : فالاولى تلغي اشتراط المماثلة بين النائب والمنوب عنه مطلقا، والثانية تفيد أن المرأة الصرورة لاتحج عن غيرها مطلقا رجلا ام امرأة ، والثالثة تشترط ان لاتكون المرأة صرورة فان كانت صرورة فلا تنوب عن الرجال فقط.
فمقتضى الصناعة تقييد الطائفة الاولى ـ وهي عدة صحاح ـ بكلا الطائفتين فتكون النتيجة ان المرأة الصرورة لاتنيب عن غيرها مطلقا ، هذا هو الاوفق بقواعد الجمع بين الاخبار ، لكنه قد خدش في سند الاخيرتين ، اذ الطائفة الثانية منحصرة في رواية ابن أشيم وهو لم يوثق ولم يضعف فقد ذكره الشيخ في الرجال في أصحاب الامام الرضا عليه السلام ولم يذكره النجاشي مع أنه صاحب كتاب ، ويمكن تحسين حاله اذ عدّ الصدوق كتابه من الكتب
=
( 338 )
=
المعتمدة وهو من رواة كامل الزيارة ، وروى عنه احمد بن محمد الاشعري المعروف بتشدده على الضعفاء بل على من يروي عن الضعفاء ، وروى عنه ايضا يعقوب بن يزيد وعلي بن مهزيار، فطرح روايته وعدم الاعتناء بها مطلقا فيه تطرف .
أما الطائفة الثالثة فعدة رويات منها روايتي مصادف مولى ابي عبدالله عليه السلام والشواهد على تقويته متعددة واعتمد عليه الصدوق في الفقيه وطريقه اليه يمر عبر عيون الطائفة واجلائها ، نعم روايته الاولى فيها اللؤلؤي وهو كما في جامع الرواة الحسن بن الحسين كوفي ثقه كثير الرواية قاله النجاشي ، واستثناء ابن الوليد له لعله من جهة الغلو وهو غير قادح في العدالة ورواياته في التهذيبين كثيرة ، وفي الثانية سهل بن زياد والامر فيه جدا سهل كما افاد الشيخ البهائي وهو كما أفاد ، مع امكان تبديل سند الشيخ الى الحسن بن محبوب فلاحظ .
ومنها مصححة زيد الشحام وفيها " يحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة ولا تحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة " وليس في السند الا المفضل رضي الله عنه وتضعيفه من أكبر المجازفات ، ولذا ذهب سيد الفقهاء الخوئي مع ماهو دأبه من التشدد في التوثيق والتعديل الى وثاقته وعدالته ، فما افاده قدس سره في المعتمد من عدم الدليل على عدم جواز المرأة الصرورة للرجل الصرورة كان قبل انشغاله بالمعجم على الظاهر .
ومنها ايضا موثقة ابن زرارة قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام الرجل الصرورة يوصي أن يحج عنه هل يجزي عنه المرأة ؟ قال : "كيف تجزي امرأة
=
( 339 )
أن يكون الاولى فيمن عجز عن مباشرة الحج وكان موسرا أن يستنيب الصرورة فى ذلك(1)، كما أن الاولى فيمن استقر عليه الحج فمات أن يحج عنه الصرورة(2).
مسألة 363 : يشترط في المنوب عنه الإسلام ، فلا تصح النيابة عن
=
وشهادته شهادتان ، قال : انما ينبغي ان تحج المرأة عن المرأة والرجل عن الرجل ، وقال : لابأس ان يحج الرجل عن المرأة " وقوله عليه السلام "لاينبغي" لايستلزم الاستحباب ، بل في موارد كثيرة في الروايات استفيد منه الحرمة والمنع ، فما في المعتمد من كون الذيل يدل على الاستحباب لعل فيه مافيه ، والله العالم .
نعم تقيّد الموثقة بروايتي مصادف لان ظاهرها عدم صحة حج المرأة مطلقا عن الرجل ، ويؤيده ان سؤال الراوي عن الرجل الصرورة ، لاأنها تطرح لمخالفة النص والفتوى كما في بعض التقريرات .
(1) ففي صحيحة الحلبي إن كان رجل موسر حال بينه وبين الحج مرض يعذره الله فيه ، قال : عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لامال له " ومثلها مصححة البطائني ، وهي وإن كان ظاهرها وجوب كون النائب صرورة إلا أن أصل الحكم وهو وجوب بعث من يحج عنه غير ثابت سوى دعوى الاجماع عليه وإيماء جملة من النصوص القابلة للخدش فيها .
(2) تشهد له صحيحة معاوية في رجل صرورة مات ولم يحج حجة الاسلام وله مال ، قال : يحج عنه صرورة لامال له .
( 340 )
الكافر(1)، فلو مات الكافر مستطيعاً وكان الوارث مسلما لم يجب عليه استئجار الحج عنه ، وأما الناصب فلاتجوز النيابة عنه إلا إذا كان أباً(2) ، وفي غيره من ذوي القربى إشكال ، نعم لابأس بالاتيان بالحج وإهداء الثواب إليه(3).
مسألة 364 : لابأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب تبرعا كان أو بإجارة(4)، وكذلك لابأس بالنيابة عنه ـ باستنابة ـ في الحج
(1) ( ماكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى ) .
(2) ففي صحيحة ابن عبد ربه قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : أيحج الرجل عن الناصب ؟ فقال : لا ، قلت : فإن كان أبي ، قال : ان كان أباك فنعم .
(3) لموثقة اسحاق عن أبي ابراهيم عليه السلام قال : سألته عن الرجل يحج فيجعل حجته وعمرته أو بعض طوافه لبعض أهله وهو عنه غائب ببلد آخر ، قال : فقلت : فينقض ذلك من أجره ؟ قال : لا ، هي له ولصاحبه ، وله أجر سوى ذلك بما وصل ، قلت : وهو ميت ، هل يدخل ذلك عليه ؟ قال : نعم ، حتى يكون مسخوطاً عليه فيغفر له ، أو يكون مضيقاً عليه فيوسع عليه ، فقلت: فيعلم هو في مكان أن عمل ذلك لحقه ؟ قال : نعم ، قلت : وإن كان ناصبيا ينفعه ذلك ؟ قال : نعم ، يخفف عنه .
(4) بل يستحب التطوع بالحج عن المؤمنين احياءاً وامواتاً .
( 341 )
الواجب إذا كان معذورا عن الاتيان بالعمل مباشرة على ماتقدم(1)، ولاتجوز عن الحي في غير ذلك ، وأما النيابة عن الميت فهي جائزة مطلقا ، سواء كانت إجارة أم بتبرع ، وسواء كان الحج واجبا أم مندوباً.
مسألة 365 : يعتبر في صحة النيابة قصد النيابة ، كما يعتبر فيها
(1) في شروط الحج قال دام ظله : إذا استقر عليه الحج ولم يتمكن من الحج بنفسه لمرض أو حصر أو هرم ، أو كان ذلك حرجا عليه ولم يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج ، وجبت عليه الاستنابة ، وكذلك من كان موسراً ولم يتمكن من المباشرة أو كانت حرجية ، ووجوب الاستنابة فوري كفورية الحج المباشري .
وتدل عليه صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله عليه السلام ـ في حديث ـ قال: " وإن كان موسراً وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه فإن عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لامال له " ، وصحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : أن علياً عليه السلام رأى شيخا لم يحج قط ، ولم يطق الحج من كبره ، فأمره أن يجهز رجلا فيحج عنه .
* نعم الظاهر رجحان أن يتحمل الحرج والمشقة ويؤدي الحج بنفسه مع الاستنابة فيما لايقدر على مباشرته من طواف أو سعي او رمي أو غيرها .
ووجهه واضح ، لجواز الاستنابة في الطواف والسعي وغيرها حين العجز كما سيأتي ، ولعدم كون الحرج والمشقة من قيود الملاك .
( 342 )
تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين ، ولايشترط ذكر اسمه ، وإن كان يستحب ذلك في جميع المواطن والمواقف .
مسألة 366 : كما تصح النيابة بالتبرع وبالاجارة تصح بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك .
* مسألة 367 : لاتكفي النيابة التبرعية عمن عجز عن أداء بعض مناسك الحج ، بل لابد من الانابة والتسبيب(1)، فمن عجز أو صد عن المناسك يوم العيد ـ مثلا ـ لايكفي لاحدٍ من رفقائه القيام برمي جمرة العقبة والذبح عنه من دون الاتصال به .
مسألة 368 : الظاهر أن حال النائب حال من حج عن نفسه فيما إذا طرأ عليه العجز عن أداء بعض المناسك مطلقا(2)، او على النهج المقرر لها ، فيصح حجه ويجزي عن المنوب عنه في بعض الموارد ، ويبطل في البعض الاخر ، مثلا : إذا طرأ عليه العجز عن الوقوف الاختياري بعرفات أجتزأ بالوقوف الاضطراري فيها وصح حجه وتفرغ ذمة المنوب عنه ، بخلاف ما لو عجز عن الوقوفين جميعا فإنه
(1) اذ مع عدمهما لايقع العمل عنه لعدم الدليل عليه ، وأدلة كفاية النيابة التبرعية عن الحج ـ في الجملة ـ لاتشمل المقام كما لايخفي .
(2) لشمول إطلاق الروايات له كما لايخفى ، إذ هي في مقام بيان وظيفة من طرأ عليه العذر أعم من كونه حاجا عن نفسه أو غيره .
( 343 )
يبطل حجه.
ولايجوز استئجار من يعلم مسبقا عجزه عن أداء العمل الاختياري مطلقا على الاحوط(1)، بل لو تبرع وناب عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله .
نعم ، لابأس باستئجار من يعلم ارتكابه لما يحرم على المحرم كالتظليل ونحوه ـ لعذر او بدونه(2)ـ وكذا من يترك بعض واجبات الحج مما لايضر تركه ـ ولو متعمدا ـ بصحة الحج ، كطواف النساء والمبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر(3).
(1) وبه جزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته ، والوجه فيه واضح ، ولعل منشأ توقف الماتن شمول المقام لاطلاق وعموم جملة من النصوص .
(2) إذ ارتكابها لايوجب نقصا في الحج ، فهي تروك اجنبية وخارجة عن اعمال الحج .
(3) * اذا كان معذوراً عن ادراك الوقوف الاختياري في تمام الوقت ويمكنه الوقوف بمقدار الركن فلايبعد جواز نيابته ، أما اذا كان معذورا عن الوقوف الاختياري بعرفة أو المزدلفة وتمكن من الاضراري ، أو كان معذوراً عن مباشرة الطواف والسعي في العمرة والحج ، أو كان في تلبيته أو قراءته لحن لايمكنه التفصي منه والاتيان بهما بالنهج الصحيح ولو بالتلقين ، أو كان معذوراً عن مباشرة رمي جمرة العقبة ، فالاحوط في الجميع عدم الاجتزاء
=
( 344 )
* مسألة 369 : إذا احتمل عدم تمكن المرأة من أداء عمرة التمتع لطرو الحيض وانقلاب حجها الى الافراد ، فالاقرب جواز استنابتها إذا لم يحصل الاطمئنان(1)بذلك والاجتزاء بعملها ولو في صورة طروّ الانقلاب .
مسألة 370 : إذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ ذمّة المنوب عنه(2) ، فتجب الاستنابة عنه ثانيةً في ماتجب الاستنابة فيه ، وإن مات بعد الاحرام أجزأ عنه إذا كان موته بعد دخوله الحرم على الاحوط(3) ، ولافرق في ذلك بين حجة الاسلام وغيرها ، هذاإذا
=
بنيابته .
هذا اذا كانت الحجة واجبة على المنوب عنه ، اما اذا كانت استحبابية فإن كانت صحيحة في حق الاجير فتصح مع لزوم اعلام المستأجر الحال .
(1) اذ مع الاطمئنان فهي غير قادرة على الاتيان بوظيفة المنوب عنه، فلا يمكن أن تستأجر على شيء ليس بمقدور لها ، أما الاجزاء عنه على فرض الجواز والعدول ـ لضيق الوقت أوطروّ الحيض ـ فلشمول إطلاق أخبار العدول له كما تقدم ذكره .
(2) لعدم الدليل على الاجزاء ، فالاصل يقتضي عدم فراغ ذمة المنوب عنه .
(3) واستظهر السيد الخوئي وبعض أعاظم تلامذته الاجزاء مطلقا بعد
=
( 345 )
كانت النيابة بأجرة ، ولو كانت بتبرع فالحكم بالاجزاء لايخلو عن
=
التلبس بالاحرام ، وفاقا للشيخ في المبسوط والخلاف وابن ادريس في السرائر تمسكا ببعض النصوص ، كموثقة اسحاق قال : سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطي رجل دراهم يحج بها عنه فيموت قبل أن يحج ، ثم اعطى الدراهم غيره ، فقال : إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فانه يجزي عن الاول " وروى الكليني والشيخ عن ابن ابي عمير عن محمد بن ابي حمزة والحسين بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام في رجل أعطى رجلا مالا يحج عنه فمات ، قال : فإن مات في منزله قبل أن يخرج فلا يجزي عنه ، وإن مات في الطريق فقد أجزأ عنه " وهي وإن كانت ظاهرة بالاجزاء في الطريق مطلقا إلا انهامخصصة بالاصل والاجماع على عدم الاجزاء فيما اذا كان الموت قبل التلبس بالاحرام .
ولعل منشأ التوقف بعض النصوص المفصلة في الإجزاء بين دخول الحرم وعدمه ، كصحيحة ضريس عن أبي جعفر عليه السلام رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق ، فقال : إن مات في الحرم فقد أجزأت عن حجة الاسلام وإن مات دون الحرم فليقض عنه وليه " ومثلها صحيحة بريد ومرسلة المقنعة ، فإن استظهرنا من قوله "رجل خرج حاجا" شموله للنائب أيضا فتقيد النصوص المتقدمة ، وقضاء الولي أعم من كونه ولي الحاج لنفسه أو ولي النائب كما لايخفى ، فتدبر .
( 346 )
إشكال(1) .
مسألة 371 : إذا مات الأجير بعد الاحرام ودخول الحرم استحق تمام الأجرة إذا كان أجيرا على تفريغ ذمة الميت(2).
وأما إذا كان أجيراً على الاتيان بالاعمال وكانت ملحوظة في الاجارة على نحو تعدد المطلوب استحق من الاجرة بنسبة ماأتي به(3) .
وإن مات الاجير قبل الاحرام لم يستحق شيئا(4)، نعم اذا كانت المقدمات داخلة في الاجارة على نحو تعدد المطلوب استحق من الاجرة بقدر ما أتى به منها(5).
مسألة 372 : إذا استأجر للحج البلدي ولم يعين الطريق كان الاجير مخيرا في ذلك ، وإذا عين طريقا لم يجز العدول منه إلى غيره ، فإن عدل وأتي بالاعمال فإن كان اعتبار الطريق في الاجارة على نحو
(1) وهو في محله ، اذ لا إطلاق يشمل المقام كما في بعض الكلمات فراجع النصوص تجدها واردة في الاجير .
(2) لفراغ ذمته كما مر .
(3) وفقاً لمقتضى الاجارة .
(4) لعدم فراغ ذمة الميت وعدم الاتيان بالاعمال كما لايخفى .
(5) وفقا لمقتضى الاجارة .
( 347 )
الشرطية دون الجزئية استحق الاجير تمام الاجرة وكان للمستأجر خيار الفسخ(1) ، فإن فسخ يرجع إلى اجرة المثل(2).
وإن كان اعتباره على نحو الجزئية كان للمستأجر الفسخ أيضا(3) ، فإن فسخ استحق الاجير أجرة المثل لما قام به من الاعمال دون ماسلكه من الطريق ، وإن لم يفسخ كان له تمام الاجرة المسماة ، ولكن للمستأجر مطالبته بقيمة ماخالفه فيه من سلوك الطريق المعين.
مسألة 373 : إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة لم تصح إجارته عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضا ، وتصح الإجارتان مع اختلاف السنين ، أو مع عدم تقيد إحدى الإجارتين أو كلتيهما بالمباشرة .
مسألة 374 : إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم يحز له التأخير ولا التقديم ـ إلا مع رضا المستأجر ـ ولو أخر كان للمستأجر خيار الفسخ وإن برئت ذمة المنوب عنه ، فلو فسخ لم يستحق الاجير شيئاً اذا كان التعيين على وجه التقييد ، وإن كان على وجه الشرطية
(1) لتخلف الشرط .
(2) لكون العمل صدر بامر المستأجِر .
(3) لمخالفة الاجير مقتضى الاجارة .
( 348 )
استحق أجرة المثل ، ولو لم يفسخ استحق الاجير تمام الاجرة المسماة ، وكان للمستأجر مطالبته بقيمة مافوّته عليه من الزمان المعين اذا كان التعيين على وجه التقييد .
ولو قدم الاجير فإن كان العمل المستأجر عليه من قبيل حجة الاسلام عن الميت ـ حيث تفرغ ذمته المنوب عنه بما أتى به مسبقا ، ولايمكن استيفاء العمل المستأجر عليه في وقته المعين ـ كان حكمه ماتقدم في التأخير ، وإلا كما إذا آجر على الحج المندوب عن نفسه في العام المقبل فأتى به في العام الحالي ، فإن كان التعيين على وجه التقييد لم يستحق الاجير على ماأتى به شيئاً ، ووجب عليه الإتيان بالعمل المستأجر عليه في وقته المعين .
وكذا إذا كان التعيين على وجه الشرطية ولم يلغ المستأجر شرطه، وإن ألغاه استحق تمام الأجرة المسماة .
مسألة 375 : إذا صد الاجير أو احصر فلم يتمكن من الإتيان بالاعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه(1)، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى ، وانفسخت الإجارة إذا كانت مقيدة بتلك السنة ، ويبقى الحج في ذمته(2)إذا لم تكن مقيدة بها ، ولكن للمستأجر خيار
(1) لإطلاق الروايات الشاملة له .
(2) أي ذمة الاجير .
( 349 )
التخلف إذا كان اعتبار تلك السنة على وجه الشرطية .
مسألة 376 : إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهي من ماله(1)، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرع .
مسألة 377 : إذا استأجره للحج باجرة معينة فقصرت الاجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجِر تتميمها ، كما أنها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد(2).
مسألة 378 : إذا استأجره للحج الواجب أو المندوب فأفسد الاجير حجه بالجماع قبل المشعر ، وجب عليه إتمامه وأجزأ المنوب عنه ، وعلى الاجير الحج من قابل وكفارة بدنة ، والظاهر أنه يستحق الاجرة وإن لم يحج من قابل لعذر أو غير عذر(3)، وتجري الاحكام المذكورة في المتبرع أيضا إلا انه لايستحق الاجرة .
مسألة 379 : الظاهر أنه يحق للاجير للحج أن يطالب بالاجرة قبل الإتيان بالعمل وإن لم يشترط التعجيل صريحا ، من جهة وجود القرينة على الاشتراط ، وهي جريان العادة بالتعجيل ، حيث أن الغالب أن الاجير لايتمكن من الذهاب الى الحج والإتيان بالاعمال
(1) لكونها عقوبة للمباشر فالتكليف متوجه إليه .
(2) نعم يستحب الاتمام ورد الزائد كما في النهاية والمبسوط والتذكرة.
(3) إذ الحجة الاخرى عقوبة عليه .
( 350 )
قبل أخذ الاجرة .
مسألة 380 : إذا آجر نفسه للحج فليس له أن يستأجر غيره إلا مع إذن المستأجر .
نعم ، اذا كانت الإجارة عمل في الذمة ولم يشترط عليه المباشرة جاز له أن يستأجر غيره لذلك .
مسألة 381 : إذا استأجر شخصاً لحج التمتع مع سعة الوقت ، واتفق أن الوقت قد ضاق فعدل الاجير عن عمرة التمتع إلى حج الافراد ، وأتى بعمرة مفردة بعده برئت ذمة المنوب عنه(1)، ولكن الاجير لايستحق الاجرة إذا كانت الاجارة على نفس الاعمال .
نعم ، إذا كانت الاجارة على تفريغ ذمة الميت استحقها .
مسألة 382 : لابأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج المندوب(2) ، وأما في الواجب فلا يجوز فيه نيابةالواحد عن اثنين
(1) اذ إطلاقات النصوص على الاجزاء تشمله ، وليست هي مختصة بمن حج عن نفسه .
(2) بل يستحب ، ففي صحيحة هشام عن ابي عبدالله عليه السلام في الرجل يشرك أباه وأخاه وقرابته في حجه ، فقال : " اذاً يكتب لك ححاً مثل حجهم وتزداد أجرا بما وصلت " ، وعن ابي الحسن عليه السلام قال : قال ابو عبدالله عليه السلام : " لو أشركت ألفا في حجتك لكان لكل واحد حجة من
=
( 351 )
ومازاد ، إلا اذا كان وجوبه عليهما أو عليهم على نحو الشركة ، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كل منهما مع الاخر في الاستئجار في الحج ، فحينئذ يجوز لهما أن يستأجرا شخصا واحدا للنيابة عنهما .
مسألة 383 : لابأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميت أو حي ـ تبرعا أو بالاجارة ـ فيما إذا كان الحج مندوبا ، وكذلك في الحج الواجب فيما إذا كان متعددا ، كما إذا كان على الميت أو الحي حجان واجبان بنذر ـ مثلا ـ أو كان أحدهما حجة الإسلام وكان الاخر واجبابالنذر ، فيجوز ـ حينئذ ـ استئجار شخصين أحدهما لاحد الواجبين والاخر للاخر .
وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد أحدهما للحج الواجب والاخر للمندوب ، بل لايبعد جواز استئجار شخصين
=
غير أن تنقص حجتك شيئا " وفي صحيحة ابن بزيع قال : سألت أبا الحسن عليه السلام : كم أشرك في حجتي ؟ قال : كم شئت .
كما يجوز إهداء الثواب بعد الحج لمن شاء ، ففي معتبرة الحارث قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام وانا بالمدينة بعدما رجعت من مكة : إني اردت أن احج عن ابنتي ، قال : " فاجعل ذلك لها الان " وفي مرسل الصدوق قال : قال رجل للصادق عليه السلام : جعلت فداك إني كنت نويت أن أدخل في حجتي العام أبي أو بعض أهلي فنسيت ، فقال : الان فأشركها.
( 352 )
لواجب واحد ، كحجة الإسلام من باب الاحتياط(1)، لاحتمال نقصان حج أحدهما .
مسألة 384 : الطواف مستحب في نفسه ، فتجوز النيابة فيه عن الميت ، وكذا عن الحي إذا كان غائبا عن مكة أو حاضرا فيها ولم يتمكن من الطواف مباشرة(2).
مسألة 385 : لابأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره ، كما لابأس أن يطوف عن نفسه أو عن غيره(3).
* مسألة 386 : النائب في الاتيان بطواف عمرة التمتع وحجه
(1) إذ بعد مشروعية الاحتياط تجوز الاستنابة لاطلاق الادلة .
(2) أما اذا تمكن من الطواف فلا يستحب الطواف عنه لإطلاق صحيحة اسماعيل بن عبدالخالق قال : كنت إلى جنب أبي عبدالله عليه السلام وعنده ابنه عبدالله أو ابنه الذي يليه ، فقال له رجل : أصلحك الله يطوف الرجل عن الرجل وهو مقيم بمكة ليس به علة ؟ فقال : " لا ، لو كان ذلك يجوز لامرت ابني فلانا فطاف عني سمى الاصغر وهما يسمعان " نعم يجوز اهداء ثواب الطواف مطلقا .
(3) ويستحب الطواف عن المعصومين عليهم السلام .
( 353 )
وصلاتي الطوافين لايلزم أن يكون محرما حال أدائهما(1).
* مسألة 387 : إذا استنيب شخص لاداء الحج عن غيره فتحرك من بلده لهذا الغرض ولما أتى الميقات واحرم لعمرة التمتع نسي ذلك بالكلية ـ بحيث لو سئل لقال "احرم لنفسي" ـ ثم إلتفت الى خطأه بعد أن دخل مكة ، لايجوز له الاعراض عن إحرامه(2).
لكن إذا اتى باعمال عمرة التمتع ثم خرج من مكة ولم يدخلها إلا في شهر آخر فله الاحرام من بعض المواقيت لعمرة التمتع عن المنوب عنه(3) ،
(1) لخلو النصوص من إشتراط ذلك ، مع أنها في مقام البيان فيتمسك بإطلاقها لنفي القيد المشكوك .
(2) لوجوب إتمام الحج والعمرة كما هو مقتضى النصوص كقوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) .
* نعم إذا اجر نفسه للنيابة عن الغير أو كان عازما على النيابة عنه تبرعاً وأحرم ثم بعد ذلك شك في انه قصد النيابة عند إحرامه أم لا ، فإن كان باعثه ومحركه نحو العمل هو النيابة عن الغير بحيث لولاه لما تلبس بالاحرام كفي ذلك في الوقوع عن الغير .
(3) لبطلان عمرته حينئذ لعدم اتصالها بالحج ، ووجوب الاحرام لدخول مكة .
( 354 )
وإن كان آثما في ابطاله عمرة نفسه(1).
الحج المندوب
مسألة 388 : يستحبّ لمن يمكنه الحجّ وإن لم يكن مستطيعاً ، أو أنه أتى بحجة الاسلام ، ويستحب الإتيان به في كل سنة لمن يتمكن من ذلك(2) .
مسألة 389 : ينبغي نيّة العود إلى الحج لمن رجع من مكّة(3)، بل نيّة عدم العود من قواطع الأجل كما ورد في بعض الروايات(4).
مسألة 390 : يستحب إحجاج من لا استطاعة له(5)، كما يستحب
(1) لحرمة ابطال الاعمال والخروج من مكة قبل اتمام الحج والعمرة .
(2) بل هو من المستحبات المؤكدة ، فعن الصادق عليه السلام قال: إن استطعت أن تأكل الخبز والملح وتحج في كل سنة فافعل .
(3) فعنه عليه السلام قال : من رجع من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره .
(4) قال عليه السلام : من خرج من مكة وهو لايريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه .
(5) فعنه عليه السلام : من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عز وجل بالثمن .
( 355 )
الاستقراض للحج إذا كان واثقا بالوفاء بعد ذلك ، ويستحب كثرة الإنفاق في الحج(1).
مسألة 391 : يجوز للفقير إذا أُعطي الزكاة من سهم الفقراء أن يصرفها في الحج المندوب(2).
مسألة 392 : يشترط في حجّ المرأة إذن الزوج إذا كان الحج مندوباً(3)، وكذلك المعتدّة بالعدة الرجعية(4)، ولايعتبر ذلك في البائنة(5) ، ويجوز للمتوفىّ عنها زوجها أن تحج في عدتها(6).
(1) تشهد له صحيحة ابن ابي يعفور عنه عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : ما من نفقة أحب إلى الله عز وجل من نفقة قصد ، ويبغض الاسراف إلا في الحج والعمرة ، فرحم الله مؤمنا اكتسب طيبا وانفق من قصد ، او قدم فضلا .
(2) ففي صحيحة ابن يقطين انه قال لابي الحسن عليه السلام يكون عندي المال من الزكاة فاحج به موالي واقاربي ؟ قال : نعم لابأس .
(3) لعدم جواز الخروج بغير اذن الزوج ، ففي صحيحة ابن مسلم عنه عليه السلام قال : لاتخرج المرأة من بيتها إلا باذنه .
(4) لانها في حكم الزوجة لعدم انقطاع العصمة .
(5) لانقطاع الزوجية والعصمة فهي كالمرأة الاجنبية .
(6) لقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي في امرأة يموت عنها زوجها
=
اقسام العمرة
مسألة 393 : العمرة كالحج ، فقد تكون واجبة وقد تكون مندوبة، وقد تكون مفردة وقد تكون متمتعاً بها .
مسألة 394 : تجب العمرة كالحج على كلّ مستطيع واجد للشرائط، ووجوبها فوريّ كفورية وجوب الحج، فمن استطاع لها ـ ولو لم يستطع للحجّ ـ وجبت عليه(1).
نعم الظاهر عدم وجوب العمرة المفردة على من كانت وظيفته حج التمتع ولم يكن مستطيعاً له ولكنّه استطاع لها(2).
وعليه فلا يجب الاستئجار لها من مال الشخص اذا استطاع
=
أيصلح لها ان تحج او تعود مريضا : نعم تخرج في سبيل الله ولاتكتحل ولاتطيب .
(1) ففي صحيحة ابن أذينة قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عز وجل ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) يعني به الحج دون العمرة ؟ قال : لا ولكنه يعني الحج والعمرة جميعاً لانهما مفروضان .
(2) على المشهور ، وتدل عليه السيرة القطعية من عدم وجوب العمرة المفردة على من وظيفته حج التمتع واستطاع لها .
( 357 )
ومات قبل الموسم(1)، كما لاتجب على الاجير للحج بعد فراغه من عمل النيابة، وإن كان مستطعياً من الإتيان بها، ولكن الاحتياط بذلك كله مما لاينبغي تركه(2).
وأما من أتى بحج التمتع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة جزما .
مسألة 395 : يستحب الإتيان بالعمرة المفردة في كل شهر من شهور العام، ولايعتبر الفصل بين عمرة وأخرى بثلاثين يوماً، فيجوز الاتيان بعمرة في شهر وإن كان في آخره وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في اوّله .
ولايجوز الإتيان بعمرتين في شهر واحد فيما اذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر(3)، وإن كان لابأس بالإتيان
(1) لعدم استقرار الوجوب .
(2) خروجا عن موضع الخلاف ، واحتمال وجوبها .
(3) الاقوال المهمة في المسألة ثلاثة :
الاول : الفصل بينهما بشهر هلالي .
الثاني : الفصل بينهما بعشر أيام .
الثالث : عدم الفصل بينهما بشيء .
ذهب الى الاول الشيخ في المبسوط وابن حمزة والحلبي والمحقق
=
( 358 )
=
والعلامة في النافع والمختلف ، وعليه جملة من متأخري المتأخيرين ، تمسكا بعدة من النصوص المستفيضة ، كصحيحة ابن الحجاج عنه عليه السلام قال : " في كتاب علي عليه السلام في كل شهر عمرة " ومثلها صحيحة يونس ومعاوية، وفي موثقة الساباطي قال : قال ابو عبدالله عليه السلام : " السنة اثنا عشر شهراً يعتمر لكل شهر عمرة " وغيرها .
والى الثاني الشيخ في احد قوليه والاسكافي والقاضي في المهذب والعلامة في المنتهى والتذكرة والارشاد والتحرير ، تمسكاً بمصححة البطائني ـ التي رواها المحامدة الثلاثة ـ قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يدخل مكة في السنة المرة والمرتين والاربعة كيف يصنع ؟ قال : إذا دخل فليدخل ملبياً ، وإذا خرج فليخرج محلاً ، قال : ولكل شهر عمرة ، فقلت : يكون أقل ؟ فقال : في كل عشرة أيام عمرة ، ثم قال : وحق لك لقد كان في عامي هذه السنة ست عمر ، قلت : ولِم ذاك ؟ قال : كنت مع محمد بن ابراهيم بالطائف ، فكان كلما دخل دخلت معه .
والى الثالث المرتضى في الناصريات ونسبه الى الاصحاب مؤذنا بدعوى الاجماع عليه وابن ادريس في السرائر والديلمي في المراسم واختاره في الجواهر وقواه في العروة واستجوده النراقي في المستند ، بدعوى ان روايات القول الاول غير دالة على المنع عن الزائد بل غاية دلالتها على جواز الاعتمار في كل شهر وإن لكل شهر عمرة ، وهو لايدل على النهي عن الزيادة ـ كما في المدارك والرياض ـ ويؤكد ذلك مصححة البطائني ، فلا معارض لها وضعف سندها غير ضائر بعد وجودها في الكتب المعتبرة ، وهي لاتدل على المنع عن
=
( 359 )
بالثانية رجاءاً(1)، ولايعتبر هذا فيما إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والاخرى عن غيره، أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره(2).
=
الزائد أيضا كأخبار القول الاول .
قلت : لو كنا نحن وأدلة القول الاول من الروايات المزبورة لكان الثالث في غاية الجودة والمتانة، إلا انه هناك طائفة ثالثة من الروايات تعين الأول.
ففي صحيحة مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : " قد أفسد عمرته وعليه بدنة وعليه أن يقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ، ثم يخرج الى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه واله لاهله فيحرم منه ويعتمر " ومثلها دلالة صحيحة العجلي والصحيح الى ابن ابي عمير عن أحمد بن ابي علي ، فلو جاز الاتيان بها مطلقا او في كل عشرة ايام لما وجب الانتظار الى شهر آخر ، إلا ان يقال بأفضلية التأخير بدعوى ان الاخبار وإن كان ظاهرها وجوب التأخير لكنها واردة في مقام توهم حرمة الجمع وهو كما ترى .
أما مصححة البطائني فمحمولة على التقية كما هو ظاهر الذيل ، وتوسلهم عليهم السلام بكتاب علي عليه السلام شاهد على ذلك ، فتدبر .
(1) لعله لمصححة ابي حمزة المتقدمة ، وهي كما قلنا محمولة على التقية فلا مشروعية للعمرة حتى يأتى بها رجاءا .
(2) ووجهه واضح .
( 360 )
وفي اعتبار ماذكر من الفصل بين العمرة المفردة وعمرة التمتع إشكال(1)، فالاحوط لمن اعتمر عمرة التمتع في ذي الحجة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة بعد أعمال الحج أن يؤخرها إلى محرم، ولمن أتى بعمرة مفردة في شوال مثلا وأراد الإتيان بعمرة التمتع بعدها أن لايأتي بها في نفس الشهر .
وأما الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج فالظاهر أنه يوجب بطلان عمرة التمتع(2)، فتلزم إعادتها .
نعم، إذا بقي في مكة إلى يوم التروية قاصداً للحج كانت العمرة
(1) وجزم بالجواز السيد الخوئي وبعض أعاظم تلامذته ، ووجه التوقف شمول قوله عليه السلام "لكل شهر عمرة" له ، ووجه الجواز ان عمرة التمتع لاتشرع إلا في أشهر الحج فالنصوص منصرفة الى العمرة المفردة .
نعم ظاهر صحيحة معاوية وفيها " قلت لابي عبدالله عليه السلام ونحن بالمدينة ، إني اعتمرت في رجب وانا اريد الحج فاسوق الهدي ، او افرد الحج، او اتمتع ؟ قال : في كل فضل ، وكل حسن ، قلت : فاي ذلك افضل ؟ فقال : ان عليا عليه السلام كان يقول : لكل شهر عمرة ، تمتع فهو والله افضل ، ثم قال : ان اهل مكة يقولون : ان عمرته عراقية وحجته مكية وكذبوا ، او ليس هو مرتبطا بحجة لايخرج حتى يقضيه " وجوب الفصل كما لايخفى .
(2) لعدم اتصال الحج بالعمرة ، فيختل العمل الواحد المركب .
( 361 )
المفردة متعته فيأتي بحج التمتع بعدها(1).
مسألة 396 : كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة كذلك تجب بالنذر أو الحلف أو العهد أو غير ذلك .
مسألة 397 : تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها ـ ومر بيان ذلك ـ وتفترق عنها في أمور :
1 ـ أن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء ، ولايجب ذلك لعمرة التمتع(2).
2 ـ أن عمرة التمتع لاتقع إلا في أشهر الحج ، وهي : شوال وذو القعدة وذو الحجة ، وتصح العمرة المفردة في جميع الشهور ، وأفضلها شهر رجب(3).
3 ـ ينحصر الخروج عن الإحرام في عمرة التمتع بالتقصير فقط ، ولكن الخروج عن الإحرام في العمرة المفردة يتحقق بالتقصير
(1) ففي معتبرة ابن يزيد عن ابي عبد الله عليه السلام قال : من دخل مكة معتمرا مفردا للحج فيقضي عمرته كان له ذلك وإن أقام الى ان يدركه الحج كانت عمرته متعة قال : وليس تكون متعة الا في أشهر الحج .
(2) نصاً واجماعاً .
(3) كسابقه .
( 362 )
وبالحلق(1)، والحلق أفضل .
هذا بالنسبة إلى الرجل ، وأما النساء فيتعيّن عليهن التقصير مطلقا(2).
4 ـ يجب أن تقع عمرة التمتع والحج في سنة واحدة على ـ ماتقدم ـ وليس كذلك في العمرة المفردة ، فمن وجب عليه حج الافراد والعمرة المفردة صح منه أن يأتي بالحج في سنة والعمرة في سنة أخرى(3) .
5 ـ أن من جامع في العمرة المفردة عالما عامدا قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال ، ووجبت عليه الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه ، وأما من جامع في عمرة التمتع فحكمه غير ذلك كما تقدم في المسألة 87 .
مسألة 398 : يجب الإحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت
(1) ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : المعتمر عمرة مفردة إذا فرغ من طواف الفريضة وصلاة الركعتين خلف المقام والسعي بين الصفا والمروة حلق أو قصر " والحكم اتفاقي .
(2) لاطلاق صحيحة الحلبي عنه عليه السلام : ليس على النساء حلق وعليهن التقصير .
(3) بلا خلاف في ذلك .
( 363 )
التي يحرم منهالعمرة التمتع ـ ومر بيانها ـ نعم ، إذا كان المكلف في مكة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة جاز له أن يحرم من أدنى الحلّ ، كالحديبية والجعرانة والتنعيم ، ولا يجب عليه الرجوع الى المواقيت والإحرام منها(1)، ويستثنى من ذلك من أفسد عمرته المفردة بالجماع قبل السعي ، فإنه يجب عليه الاحرام للعمرة المعادة من أحد المواقيت ، ولايجزيه الاحرام من أدنى الحل على الاحوط ، كما مر توضيحه في المسألة 90 .
مسألة 399 : لايجوز دخول مكة بل ولادخول الحرم إلا محرما(2)، فمن أراد الدخول فيهما في غير أشهر الحج وجب عليه
(1) فقد أحرم الرسول صلى الله عليه واله بعد رجوعه من الطائف من الجعرانة .
(2) لعدة من النصوص ، ففي صحيحة ابن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السلام هل يدخل الرجل الحرم (مكة) بغير إحرام ؟ قال : " لا ، إلا مريضا او من به بطن " وفي صحيحة عاصم عنه عليه السلام : " يدخل الحرم احد إلا محرما ؟ قال: لا ، إلا مريض أو مبطون " وفي مستطرفات السرائر نقلا عن كتاب جميل عن بعض اصحابه عن احدهما عليهما السلام في الرجل يخرج من الحرم الى بعض حاجته ثم يرجع من يومه ، قال : " لابأس بأن يدخل بغير احرام" وفي مرسلة البختري وابان عن رجل عنه عليه السلام في الرجل يخرج
=
( 364 )
أن يحرم للعمرة المفردة ، ويستثنى من ذلك من يتكرر منه الدخول والخروج لحاجة كالحطاب والحشاش ونحوهما(1)، وكذلك من خرج من مكة بعد إتمامه أعمال عمرة التمتع والحج ، أو بعد العمرة المفردة فإنه يجوز له العود إليها من دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أدى فيه عمرته ، وتقدم حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع وقبل الحج في المسألة 10 .
* مسألة 400 : إذا أتى بالعمرة المفردة نيابة عن الغير ، وخرج من مكة ورجع قبل مضي الشهر الذي أدى فيه العمرة ، فهل يجوز له
=
في الحاجة من الحرم ، قال : " إن رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير إحرام ، وإن دخل في غيره دخل بإحرام " ، وما في المعتمد من أن المراد من دخول الحرم هو دخول مكة لعدم الريب في عدم وجوب الاحرام لمن كانت له حاجة في الحرم ولم يرد النسك ، ودعوى أن القدسية والمزية والحرمة لمكة بخصوصها ، خلاف ظاهر النصوص وإن القدسية والمزية لمكة أولا وبالذات وللحرم ، وإلا ماوجه تسميته بذلك .
(1) كما هو مفاد بعض النصوص .
* اذا تكرر خروجه يوميا أو ثلاث او أربع مرات في الاسبوع لم يلزمه الاحرام للدخول .
( 365 )
العود من دون إحرام ، فيه إشكال والاحوط تجديد الاحرام(1).
* مسألة 401 : الظاهر أن دخول الحرم أو مكة بلا إحرام حرام حدوثا(2) لابقاءً ، فإذا دخلهما بغير إحرام عمداً او لعذر لايجب عليه الخروج فوراً .
مسألة 402 : من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقي في مكة إلى يوم التروية وقصد الحج كانت عمرته متعة(3)، فيأتي بحج التمتع ، ولافرق في ذلك بين الحج الواجب والمندوب .
* لكن كل ذلك بشرط عدم الخروج من مكة ـ ولو الى جدة ـ بعد الاتيان بالعمرة المفردة الى يوم التروية ، فإذا خرج منها لاتكون متعة.
(1) اذ الفصل المعتبر بين العمرتين فيما اذا كان عن نفسه ، مع امكان واحتمال شمول النصوص الدالة على عدم الحاجة الى الاحرام إذا رجع في نفس الشهر للمقام أيضا .
(2) اذ هو غاية مايستفاد من النصوص فراجع .
(3) كما هو مقتضى الروايات وقد مر بعضها .
( 366 )
أحكام المصدود
مسألة 403 : المصدود : هو الذي منعه العدو أو نحوه من الوصول الى الاماكن المقدسة لأداء مناسك الحج أو العمرة بعد تلبسه بالإحرام .
مسألة 404 : المصدود في العمرة المفردة إذا كان سائقا للهدي جاز له التحلل من إحرامه بذبح هديه أو نحره في موضع الصد(1).
وإذا لم يكن سائقا وأراد التحلل لزمه تحصيل الهدي وذبحه أونحره ، ولايتحلل بدونه على الاحوط(2).
(1) ففي موثقة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : المصدود يذبح حيث صد ويرجع صاحبه فيأتي النساء .
(2) كما هو مذهب الاكثر كما في المدارك والمفاتيح والذخيرة والرياض ، بل في الغنية والمنتهى إجماعنا عليه ، لقوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة فان احصرتم فما استيسر من الهدي ) وموثقة زرارة المتقدمة ، وفعل النبي صلى الله عليه واله لما صده المشركون يوم الحديبية ، وذهب والصدوقان وابن إدريس الى التحلل بدونه ، لاختصاص الآية بالاحصار وعدم دلالتها صراحة على الوجوب ، ومع التنزل يختص ذلك بمن ساق الهدي ، وأما
=
( 367 )
والاحوط لزوما ضم الحلق أو التقصير إلى الذبح أو النحر في كلتا الصورتين(1).
=
موثقة زرارة وغيرها فكذلك تقيّد بما اذا ساق الهدي وإلا فيتخير بين الحلق والتقصير ، كما يشير إليه مارواه علي بن ابراهيم بسند صحيح من أمر الرسول صلى الله عليه واله أصحابه بنحر ماساقوه معهم من الابل وحلق رؤوسهم وأما من لم يسق فخيره بين الحلق والتقصير ، فعن الصادق عليه السلام قال ـ في حديث طويل ـ : فقال صلى الله عليه واله تعظيماً للبدن رحم الله المحلّقين ، وقال قوم لم يسوقوا البدن : يارسول الله والمقصرين ؟ لان من لم يسق هدياً لم يجب عليه الحلق ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله ثانياً رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي ، فقالوا يارسول الله والمقصرين ، فقال : رحم الله المقصرين"، ولعله منشأ الاحتياط والله العالم .
(1) تبعا للشهيدين في الدروس والروضة والمسالك جمعا بين الاخبار، ففي رواية حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله حين صدّ بالحديبية قصّر وأحلّ ونحر ثم انصرف منها ولم يجب عليه الحلق حتى يقضي النسك ، فأما المحصور فإنما يكون عليه التقصير .
وفي صحيحة رفاعة عن ابي عبد الله عليه السلام قال : خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى الى السفيا فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه .
=
( 368 )
وأما المصدود في عمرة التمتع ، فإن كان مصدودا عن الحج ايضا فحكمه ماتقدم ، وإلا ـ كما لو منع من الوصول الى البيت الحرام قبل الوقوفين خاصة ـ فلا يبعد انقلاب وظيفته الى حج الافراد(1).
مسألة 405 : المصدود في حج التمتع إن كان مصدوداً عن الموقفين او عن الموقف بالمشعر خاصة ، فالأحوط أن يطوف ويسعى ويحلق رأسه ويذبح شاة فيتحلل من إحرامه(2).
=
وفي موثقة الفضل بن يونس قال : سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف ، فبعث به إلى مكة فحبسه ، فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع ؟ فقال : يلحق فيقف بجمع ، ثم ينصرف الى منى فيرمي ويذبح ويحلق ولاشيء عليه ، قلت : فإن خلى عنه يوم النفر كيف يصنع ؟ قال : هذا مصدود عن الحج إن كان دخل متمتعا بالعمرة الى الحج فليطف بالبيت اسبوعا ، ثم يسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة ، فإن كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولاشيء عليه .
وعن الشيخ في النهاية وظاهر الشرائع والنافع ، بل المنسوب الى الاكثر كما في الرياض عدم توقف التحلّل عليهما أصلا قصورا في مقتضى الادلة .
(1) لشمول بعض أدلة الانقلاب له كما لايخفي فراجع .
(2) كما هو مقتضى موثقة الفضل المتقدمة فانها ظاهرة على التبدل الى العمرة المفردة إذ الطواف والسعي والحلق من اعمالها ، ووجوب الذبح لالكونه عمرة مفردة حتى يشكل بعدم القائل وإنما تطبيقا لقوله عليه السلام
=
( 369 )
وإن كان مصدودا عن الطواف والسعي فقط ـ بأن منع من الذهاب الى المطاف والمسعى ـ فعندئذ ان لم يكن متمكنا من الاستنابة وأراد التحلل ، فالاحوط أن يذبح أو ينحر هديا ويضم إليه الحلق او التقصير(1).
وإن كان متمكنا من الاستنابة فلا يبعد جواز الاكتفاء بها(2)، فيستنيب لطوافه وسعيه ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب .
وإن كان مصدودا عن الوصول الى منى لأداء مناسكها فوقتئذ إن كان متمكنا من الاستنابة استناب للرمي والذبح او النحر(3)، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره الى منى مع الإمكان ، ويأتي ببقية المناسك .
=
في صحيحة زرارة "المصدود يذبح حيث صد" ، وحيث ادعي الاجماع واتفاق الاصحاب كما في الجواهر على انه بالخيار بين التحلل بالذبح او البقاء على الاحرام حتى يفوت الموقفان ويتحلل بعمرة مفردة فالاحتياط في محله والله العالم .
(1) لصدق الصد حينئذٍ .
(2) لحكومة أدلة الاستنابة على الصد كما لايخفي ، وذهب في المعتمد الى قصور أدلة النيابة عن الشمول للمقام ، مؤكداً كلامه بعدم المورد لعنوان المصدود لو قيل بشمولها ، ولعل في كلامه مواضع للنظر والله العالم .
(3) لتحقق العذر ومعه فعليه الاستنابة .
( 370 )
وإن لم يكن متمكنا من الاستنابة سقط عنه الذبح والنحر فيصوم بدلا عن الهدي(1) ، كما يسقط عنه الرمي أيضا ـ وإن كان الاحوط الإتيان به فى السنة القادمة بنفسه إن حج او بنائبه إن لم يحج ـ ثم يأتي بسائر المناسك من الحلق أو التقصير وأعمال مكة ، فيتحلل بعد هذه كلها من جميع مايحرم عليه حتى النساء من دون حاجة الى شيء آخر .
مسألة 406 : المصدود من الحج أو العمرة إذا تحلل من إحرامه بذبح الهدي لم يجزئه ذلك عنهما(2)، فلو كان قاصداً أداء حجة الإسلام فصُد عنها وتحلّل بذبح الهدي ، وجب عليه الإتيان بها لاحقا إذا بقيت استطاعته أو كان الحج مستقراً في ذمته .
مسألة 407 : إذا صُدّ عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار لم يضره ذلك بصحة حجه(3)، ولايجري عليه حكم المصدود ، فيستنيب للرمي إن امكنه في سنته ، وإلا قضاه في العام القابل بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج على الاحوط الاولى(4).
(1) لاشتراط الذبح في منى ، فتنتقل وظيفته الى فاقد الهدي .
(2) اذ مقتضى ادلة الصدّ هو التحلل لا الاجزاء والاكتفاء والبدلية .
(3) بلا خلاف في ذلك .
(4) وقد تقدم فراجع .
( 371 )
مسألة 408 : لافرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة ، ولو لم يتمكن منه فالاحوط أن يصوم بدلا عنه عشرة أيام(1).
مسألة 409 : إذا جامع المحرم للحج امرأته قبل الوقوف بالمزدلفة فوجب عليه إتمامه وإعادته ـ كما سبق في تروك الإحرام ـ ثم صُدّ عن الإتمام جرى عليه حكم المصدود(2)، ولكن تلزمه كفارة الجماع زائدا على هدي التحلل(3).
أحكام المحصور
مسألة 410 : المحصور : هو الذي يمنعه المرض أو نحوه عن
(1) ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام في المحصور ولم يسق الهدي، قال : ينسك ويرجع ، قيل : فإن لم يجد هدياً ؟ قال : يصوم " ووجه التوقف أن الصحيحة واردة في المحصور لا المصدود والقول بإشتراكهما في الاحكام مطلقا بحاجة الى دليل ، مضافا الى مامر من تقريب عدم وجوب الهدي على المصدود في العمرة المفردة اذا لم يسق الهدي .
(2) لوجوب إتمام الحجة المرتكب فيها الجرم ، سواء قلنا بفسادها او أن الثانية عقوبة عليه .
(3) عقوبة له .
( 372 )
الوصول إلى الاماكن المقدّسة لأداء أعمال العمرة أو الحج بعد تلبسه بالإحرام .
مسألة 411 : المحصور إذا كان محصوراً في العمرة المفردة أو عمرة التمتع وأراد التحلّل ، فوظيفته أن يبعث هدياً أو ثمنه ويواعد أصحابه أن يذبحوه أو ينحره بمكة في وقت معين ، فإذا جاء الوقت قصّر أو حلق وتحلل في مكانه(1).
وإذا لم يكن متمكناً من بعث الهدي أو ثمنه لفقد من يبعثه معه ، جاز أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل(2).
(1) ففي صحيحة معاوية قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل أحصر فبعث بالهدي ، فقال : " يواعد أصحابه ميعاداً ، فان كان في حج فمحل الهدي يوم النحر ، وإذا كان يوم النحر فليقصر من رأسه ، ولايجب عليه الحلق حتى يقضي مناسكه ، وإن كان عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها فإذا كان تلك الساعة قصر وأحل " ومثلها دلالة موثقة زرعة .
(2) لعدة من النصوص التي ظاهرها ذبح الهدي محل الاحصار المحمولة على صورة تعذر بعثه الى مكة او منى ، ففي صحيحة رفاعة عن ابي عبدالله عليه السلام قال : " خرج الحسين عليه السلام معتمراً وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه " وفي صحيحة
=
( 373 )
وإن كان محصوراً في الحج ، فوظيفته ماتقدم ، إلا أن مكان الذبح أو النحر لهديه منى ، وزمانه يوم النحر(1).
وتحلل المحصور في الموارد المتقدمة إنما هو من غير النساء ، وأما منها فلا يتحلل إلا بعد الإتيان بالطواف والسعي بين الصفا والمروة في حج أو عمرة(2).
مسألة 412 : إذا مرض المعتمر فبعث هدياً ثم خف مرضه وتمكن
=
معاوية عنه عليه السلام في المحصور ولم يسق الهدي ، قال : ينسك ويرجع ، فإن لم يجد ثمن هدي صام .
(1) كما هو مقتضى صحيحة وموثقة معاوية وزرعة المتقدمتان .
(2) تشهد له صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : " المحصور غير المصدود ، وقال : المحصور هو المريض والمصدود هو الذي يرده المشركون كما ردوا رسول الله صلى الله عليه واله ليس من مرض ، والمصدود تحل له النساء والمحصور لاتحل له النساء " ، وفي صحيحته الاخرى في حصر الحسين عليه السلام قال : أرأيت حين برىء من وجعه قبل أن يخرج الى العمرة حلت له النساء ؟ قال : لاتحل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة ، قلت فما بال رسول الله صلى الله عليه واله حين رجع من الحديبية حلّت له النساء ولم يطف بالبيت ، قال : ليسا سواء ، كان النبي صلى الله عليه واله مصدودا والحسين محصوراً .
( 374 )
من مواصلة السير والوصول إلى مكة قبل أن يذبح أو ينحر هديه لزمه ذلك ، فإن كان عمرته مفردة فوظيفته إتمامها ولاشيء عليه .
وإن كانت عمرة التمتع ، فإن تمكن من اتمام أعمالها قبل زوال الشمس من يوم عرفة فلا إشكال(1)، وإلا فالظاهر انقلاب حجه إلى الإفرد(2).
وكذلك الحال ـ في كلا الصورتين ـ لو لم يبعث بالهدي وصبر حتى خفّ مرضه وتمكن من مواصلة السير .
مسألة 413 : إذا مرض الحاج فبعث بهديه ، وبعد ذلك خف المرض ، فإن ظن إدراك الحج وجب عليه الالتحاق(3)، وحينئذ فإن
(1) تدل عليه صحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال : إن أحصر الرجل بعث بهديه ، فإذا أفاق ووجد في نفسه خفة فليمض إن ظن أنه يدرك الناس ، فإن قدم مكة قبل أن ينحر الهدي فليقم على إحرامه حتى يفرغ من جميع المناسك ، ولينحر هديه ، ولاشيء عليه وإن قدم مكة وقد نحر هديه فإن عليه الحج من قابل والعمرة .
(2) لكون عمرة التمتع مغياة بزوال الشمس يوم عرفة ، فإذا لم يتمكن من أدائها قبل ذلك شملته أدلة الانقلاب المتقدمة في المسألة 13 .
(3) لوجوب اتمام النسك ، والفرض انه متمكن ، مضافا الى ظهور صحيحة زرارة المتقدمة .
( 375 )
أدرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصة ـ حسبما تقدم ـ فقد أدرك الحج ، فيأتي بمناسكه وينحر أو يذبح هديه(1).
وإلا فإن لم يذبح أو ينحر عنه قبل وصوله انقلب حجه إلى العمرة المفردة(2)، وإن ذبح أو نحر عنه ، قصر أو حلق وتحلل من غير النساء، وأما منها فلا يتحلل إلا أن يأتي بالطواف والسعي في حج أو عمرة(3).
مسألة 414 : إذا أحصر الحاج من الطواف والسعي ، بأن منعه المرض أو نحوه من الوصول الى المطاف والمسعى ، جاز له أن يستنيب لهما(4) ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب .
وإذا أحصر عن الذهاب الى منى وأداء مناسكها استناب للرمي والذبح(5)،
(1) وليس عليه الحج من قابل .
(2) لعدة من النصوص الدالة على انقلاب الوظيفة الى العمرة المفردة عند عدم ادراك الحج مطلقا .
(3) وقد مر في المسألة الثانية من الباب فراجع .
(4) لعدة من النصوص ، منها صحيحة حريز عن ابي عبدالله عليه السلام قال : المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه .
(5) اذ المباشرة في الرمي شرط في ظرف القدرة ، أما الذبح فتجوز
=
( 376 )
ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع إلامكان(1)، ويأتي بسائر المناسك فيتم حجه .
مسألة 415 : إذا أحصر الرجل فبعث بهديه ، ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله ، جاز له ان يحلق ، فإذا حلق وجب عليه أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين ، لكل مسكين مُدّان(2).
مسألة 416 : المحصور في الحج أو العمرة إذا بعث بالهدي وتحلل من إحرامه لم يجزئه ذلك عنهما ، فلو كان قاصداً أداء حجة الاسلام فأحصر ، فبعث بهديه وتحلل ، وجب عليه الإتيان بها لاحقا إذا بقيت الاستطاعة أو كان الحج مستقراً في ذمته(3).
=
الاستنابة مطلقا .
(1) وقد تقدم بيانه فراجع .
(2) تدل عليه صحيحة زرارة عن ابي عبدالله عليه السلام قال : إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فانه يذبح شاة في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو يتصدق على ستة مساكين والصوم ثلاثة أيام والصدقة نصف صاع لكل مسكين .
(3) لصحيحة البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن محرم انكسرت ساقه ، أي شيء يكون لحاله ؟ وأي شيء عليه ؟ قال : هو حلال من
( 377 )
مسألة 417 : المحصور إذا لم يجد هديا ولاثمنه صام عشرة أيام بدلا منه(1) .
مسألة 418 : إذا تعذّر على المحرم مواصلة السير إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة أو الحج لمانع آخر غير الصد والإحصار ، فإن كان معتمراً بعمرة مفردة جاز له التحلل في مكانه بذبح هديه مع ضم الحلق أو التقصير إليه على الاحوط .
وكذلك إذا كان معتمراً بعمرة التمتع ولم يمكنه إدراك الحج أيضا، وإلا فالظاهر انقلاب وظيفته إلى حج الإفراد .
وإذا كان حاجا وقد تعذر عليه إدراك الموقفين أو الموقف في المشعر خاصة ، فعليه أن يتحلل من إحرامه بعمرة مفردة .
=
كل شيء ... قال : أصلحك الله ماتقول في الحج ؟ قال : لابد أن يحج من قابل " وفي صحيحة حمزة بن حمران أنه سألة أبا عبدالله عليه السلام عن الذي يقول: حلني حيث حبستني ، فقال : هو حل حيث حبسه ، قال أو لم يقل ، ولايسقط الاشتراط عنه الحج من قابل " وفي صحيحة رفاعة عنه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يشترط وهو ينوي المتعة فيحصر هل يجزيه أن لايحج من قابل ؟ قال : يحج من قابل " وغيرها من النصوص ، مضافا الى أن أدلة الاحصار وكذا الصد هي للتحلل لا للاجزاء .
(1) لصحيحة معاوية المتقدمة والتي موردها المحصور فراجع .
( 378 )
وإذا تعذر عليه الوصول الى المطاف والمسعى لأداء الطواف والسعي ، أو لم يتمكن من الذهاب إلى منى للاتيان بمناسكها فحكمه ماتقدم في المسألة 414 .
* مسألة 419 : من أصابه عارض صحي اثناء ادائه لطواف العمرة المفردة فأرجع الى بلده ، فإن كان بعد إتمام الشوط الرابع فلا يبعد الاجتزاء بالنيابة في بقية الاشواط وكذا في السعي ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب ويحلق أو يقصر بعد سعيه ويستنيب لطواف النساء ويأتي بصلاته ، فيحل من إحرامه تماما ، وأما إذا كان قبل ذلك ففي خروجه من الاحرام من دون العود الى مكة والاتيان باعمال عمرته تأمل وإشكال(1).
* مسألة 420 : من اصابته سكتة قلبية أثناء ادائه طواف عمرة التمتع فان كان وضعه الصحي لايسمح له بالبقاء في مكة لتكميل مناسك عمرته ولو بالاستنابة ثم الاحرام للحج وادراك الوقوفين بالمقدار الذي يصح به الحج ، فالظاهر جريان أحكام المحصور عليه، وإلا فان رجع الى بلده وكان ذلك باختياره فلا يبعد بطلان
(1) وقد تقدم في المسألة 40 الجزم بوجوب الرجوع واكمال العمرة المفردة لمن تركها .
( 379 )
إحرامه وإن كان آثما في ذلك(1)، وأما اذا كان رجوعه من دون ارادته واختياره فالاقرب جريان حكم المصدود عليه .
* مسألة 421 : إذا احرم لعمرة التمتع ثم اغمي عليه فان احتمل أن يفيق من غيبوبته ويدرك الحج ـ بأن يدرك اختياري المشعر أو اضطراريه مع اختياري عرفة أو اضطراريه ـ اتخذ الولي من ينوب عنه فى الطواف وصلاته والسعي(2)ثم يقصر شيئا من شعره فيحل من احرام عمرته ، وفي يوم التروية الاحوط أن يحرم عنه الولي ـ اي يلبي عنه ـ ويجنبه محرمات الاحرام ، ويذهب الى الموقفين فإن افاق هناك فالاحوط أن يجدد الاحرام بنفسه ولو من موضعه ان لم يتمكن من الذهاب الى مكة(3)، فإن ادرك الحج ـ بإدراك ماتقدم ـ يأتي ببقية مناسكه ، وإن عاد الى الغيبوبة قبل الاتيان بها استناب له الولي من
(1) راجع ماقلناه عند الشروع في كيفية الاحرام .
(2) لدلالة جملة من النصوص على مشروعية الطواف عن المغمى عليه، وهو وفق مقتضى القاعدة ، اذ الحكم الاولي أن يطوف الانسان بالبيت وبين الصفا والمروة بنفسه ، فإن لم يقدر فبمعونة الاخرين إعانة ثم حملا ، وإن لم يقدر طيف وسعي عنه .
(3) وقد تقدم فيمن نسى او جهل الاحرام من مكة حتى خرج منها الى عرفات ، فراجع .
( 380 )
يأتي بها عنه ، واما اذا لم يفق حتى فات عنه الوقوفان بطل حجه .
* مسألة 422 : إذا اتى بعمرة التمتع ثم عرض له مايوجب الخوف على نفسه من الاتيان بالحج أو خاف أن يصاب بضرر بليغ ، فإن كان خوفه عقلائياً لم يجب عليه الاتمام(1)، والاحوط ان يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء .
مسألة 423 : ذكر جماعة من الفقهاء : أن الحاج او المعتمر إذا لم يكن سائقا للهدي ، واشترط في إحرامه على ربه تعالى أن يحله حيث حبسه ، فعرض له عارض ـ من عدو أو مرض أو غيرهما ـ حبسه عن الوصول الى البيت الحرام أو الموقفين ، كان أثر هذا الاشتراط أنه يحل بمجرد الحبس من جميع ما للتحلل من إحرامه ، كما لايجب عليه الطواف والسعي للتحلل من النساء إذا كان محصوراً.
وهذا القول وإن كان لايخلو من قوة(2)، إلا أن الاحوط لزوما

[1] السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين .

[2] بل لعله المتعيّن ، وإليه ذهب المرتضى وابن ادريس مع دعوى الاجماع، تمسكاً بصحيحة ذريح عن ابي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن رجل تمتع بالعمرة الى الحج ، واحصر بعد ما أحرم ، كيف يصنع ؟ قال : فقال:
=
( 381 )
=
أو اشترط على ربه قبل أن يحرم أن يحله الله عند عارض عرض له من أمر الله؟ فقلت : بل قد اشترط ذلك ، قال : فليرجع الى أهله حلالا لا احرام عليه ، إن الله أحق من وفي بما اشترط عليه ، قلت : افعليه الحج من قابل ؟ قال : لا " فهي دالة على التحلل بمجرد الاحصار بلا تعرض للهدي ، إذ لو كان واجبا لذكره عليه السلام لكونه في مقام البيان .
وصحيحة البزنطي قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن محرم انكسرت ساقه ، أي شيء يكون حاله ؟ وأي شيء عله ؟ قال : هو حلال من كل شيء ، فقلت : ومن النساء والثياب والطيب ؟ فقال : نعم من جميع ما يحرم على المحرم ، قال : أما بلغك قول أبي عبدالله عليه السلام : حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ ، قلت : أصلحك الله ماتقول في الحج ؟ قال: لابد أن يحج من قابل .
ويويدهما ماورد في جملة من الصحاح في كتاب الاعتكاف من وجوب الاتمام اذا اعتكف يومين إلا اذا اشترط على ربه فله ان يفسخ ، كصحيحة محمد بن مسلم وابي ولاد الحناط ، وفي صحيحة ابي بصير عنه عليه السلام في حديث : وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم" وفي صحيحة ابن يزيد عنه عليه السلام قال : واشترط على ربّك في اعتكافك كما تشترط في احرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض إن عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله تعالى .
وقيل : أن فائدة الاشتراط جواز التحلل من غير تربص الى ان يبلغ الهدي محله ، وهو ظاهر المحقق في الشرائح وصريحه في النافع ، ويدفعه قوله عليه
=
( 382 )
مراعاة ماسبق ذكره في المسائل المتقدمة في كيفية التحلل عند الحصر والصد ، وعدم ترتيب الأثر المذكور على اشتراط التحلل .
***
إلى هنا فرغنا من واجبات الحج ، فلنشرع الان في آدابه ، وقد ذكر الفقهاء من الاداب مالاتسعه هذه الرسالة فنقتصر على يسير منها .
وليعلم أن استحباب جملة من المذكورات مبتنٍ على قاعدة
=
السلام " فليرجع الى أهله حلالا لا إحرام عليه " .
وقيل : أن فائدته سقوط الحج عنه فى العام القابل ، وهو المحكي عن الشيخ في يالتهذيب ، لذيل الصحيحة المتقدمة ، وتقابلها عدة من الصحاح فلابد من رفع اليد عن ذيلها .
وقيل : أن الفائدة ادراك الثواب بذكره في عقد الاحرام ، وهو الذي يظهر من الشهيد في المسالك قال : ـ بعد أن ذكر ان سقوط الهدي في غير السائق ، وتعجيل التحلل فمخصوص بالمحصر دون المصدود ، وسقوط القضاء فمخصوص بالمتمتع ـ ومن الجائز كونه تعبداً ، أو دعاءً مأمورا به يترتب على فعله الثواب .
وذهب الشيخ وابن الجنيد والعلامة في المختلف والمنتهى الى عدم سقوط الهدي ، تمسكا بإطلاق قوله تعالى ( فإن احصرتم فما استيسر من الهدي ) ، وفيه أنه مقيد بصحيحتي ذريح والبزنطي المتقدمين .
التسامع في أدلة السنن ، فلابد من الإتيان بها برجاء المطلوبية لابقصد الورود ، وكذا الحال في المكروهات .
مستحبّات الإحرام
يستحبّ في الإحرام أمور :
1 ـ تنظيف الجسد، وتقليم الأظفار، وأخذ الشارب، وإزالة الشعر من الإبطين والعانة، كلّ ذلك قبل الإحرام .
2 ـ تسريح شعر الرأس واللّحية من أوّل ذي القعدة لمن أراد الحجّ، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة.
وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك، وهذا القول وإن كان ضعيفاً إلاّ أنّه أحوط .
3 ـ الغسل للإحرام في الميقات ، ويصحّ من الحائض والنفساء أيضاً على الأظهر، وإذا خاف عوز الماء في الميقات قدّمه عليه، فإن وجد الماء في الميقات أعاده ، وإذا اغتسل ثمّ أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم أعاد غسله، ويجزىء الغسل نهاراً إلى آخر اللّيلة الآتية، ويجزىء الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي .
4 ـ أن يدعو عند الغسل على ما ذكره الصدوق "ره" ويقول :
" بسم الله وبالله، اللّهُمّ اجْعَلْهُ لِي نُوراً وَطَهوراً وَحِرزاً وَأمْناً مِنْ كُلِّ
( 284 )
خَوفٍ، وشِفاءً مِن كُلِّ داءٍ وَسُقم، اللّهمَّ طَهِّرْني وَطهِّرْ قَلْبِي وَاشْرَحْ لِي صَدْري، وَأجْرِ عَلى لِسانِي مَحَبَّتَك وَمِدْحَتَكَ وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ لِي إلاّ بِكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنّ قِوامَ دينِي التسلِيمُ لَكَ، والاتِّبَاعُ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ".
5 ـ أن يدعو عند لبس ثوبيّ الإحرام ويقول :
" الحَمْدُ لله الَّذي رَزَقَنِي ما أُواري بِه عَوْرَتي، وأُؤدِّي فيه فَرْضي، وَأعبُدُ فيه رَبِّي، وانتَهي فيه إلى ما أمَرَني، الحَمْدُ لله الذي قَصَدْتُهُ فَبَلَّغَني، وأَرَدْتُهُ فأعانني وَقبِلَني وَلَمْ يَقطَعْ بي، وَوَجْهَهُ أردتُ فَسَلَّمَني، فهو حِصْني وَكَهْفي وحِرزي، وَظَهري وَمَلاذي، ورجائي وَمَنْجاي وذُخْري وَعُدَّتي في شِدَّتي ورخائي ".
6 ـ أن يكون ثوباه للإحرام من القطن .
7 ـ أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر، فإن لم يتمكّن فبعد فريضة أخرى، وإلاّ فبعد ركعتين أو ستّ ركعات من النوافل، والستّ أفضل، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة التوحيد، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد، فإذا فرغ حمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيِّ وآله ثمّ يقول :
" اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ أنْ تَجْعَلَني مِمَّن اسْتَجابَ لَكَ وَآمَنَ بِوَعْدكَ، وَاتَّبَعَ أمْرَكَ فَإنِّي عَبْدُكَ وَفي قَبْضَتِك، لا أُوْقى إلاّ ما وَقَيْتَ، وَلا آخُذُ إلاّ ما أعْطَيْتَ، وَقَدْ ذَكرْتَ الحجَّ، فأسألُكَ أن تَعْزمَ لِي عَلَيْه عَلى كِتابِكَ وَسُنَّة نَبِيِّكَ صَلّى اللهُ عَلَيه وآله، وَتُقَوِّيَني عَلى مَا ضَعُفتُ عَنْهُ،
( 285 )
وَتُسلِّمَ مِنِّي مَنَاسِكي، في يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ، وَاجْعَلْني مِن وَفْدكَ الَّذينَ رَضيتَ وَارتَضيْتَ وَسَمَّيْتَ وَكَتَبْتَ.
اللّهُمَّ إنِّي خَرَجتُ مِن شُقّةٍ بَعيدَةٍ وانفَقْتُ مَالِي ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ، اللّهُمَّ فَتَمِّمْ لِي حَجّي وَعُمْرَتي، اللّهُمَّ إنِّي أُريدُ التمتُّع بِالعُمْرَة إلى الحَجّ عَلى كِتابِكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ صلّى الله عليه وآله وَسلّم، فإنْ عَرَضَ لِي عَارضٌ يَحْبسنُي، فحُلَّني حيثُ حَبَسْتَني لِقَدَرِكَ الَّذي قَدَّرْتَ عليَّ، اللّهُمَّ إن لَمْ تَكُنْ حَجَّةٌ فَعْمرةٌ.
أحْرَمَ لَكَ شعري وَبَشَري، ولَحْمي ودَمي، وعِظامي ومُخّي وعَصَبي، من النِّساء والثِّياب وَالطِّيب، أبتغي بذلك وجْهَكَ والدّارَ الآخرة ".
8 ـ التلفّظ بنية الإحرام مقارناً للتلبية .
9 ـ رفع الصوت بالتلبية للرجال.
10 ـ أن يقول في تلبيته :
" لَبَّيْكَ ذا المعارج لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ داعِياً إلى دار السَّلام لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ غَفّارَ الذُّنُوب لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ أهلُ التلبية لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ ذا الجلال والإكرام لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ تُبْدىَُ والمعادُ إليكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ تَستغني ويُفْتَقرُ إليكَ لَبَّيْكَ.
لَبَّيْكَ مَرهوباً وَمرغُوباً إليك لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ إلهَ الحقِّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ ذا النَّعُماء والفَضْل الحَسن الجَميل لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ كشّافَ الكُرَب العظام لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ عبدُكَ وابنُ عبدَيْكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ يا كريمُ لَبَّيْكَ ".
( 286 )
ثمّ يقول :
" لَبَّيْكَ أتقرَّبُ إليكَ بمحمّدٍ وآل محمّدٍ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ بحجّة أو عُمرةٍ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وهذه عُمْرةُ متعة إلى الحجّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ تلبيةً تمامُها وبلاغُها عَليكَ ".
11 ـ تكرار التلبية حال الإحرام، عند الاستيقاظ من النوم، وبعد كلّ صلاة، وعند كل ركوب ونزول كلّ علوّ أكمه أو هبوط واد منها ، وعند ملاقاة الراكب، وفي الأسحار يستحبّ إكثارها ولو كان المحرم جنباً أو حائضاً، ولا يقطعها في عمرة التمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكّة القديمة ، وفي حجّ التمتّع إلى زوال يوم عرفة ، كما تقدم في المسألة 51 .
مكروهات الإحرام
يكره في الإحرام أمور :
1 ـ الإحرام في ثوب أسود، بل الأحوط ترك ذلك، والأفضل الإحرام في ثوب أبيض .
2 ـ النوم على الفراش الأصفر، وعلى الوسادة الصفراء.
3 ـ الإحرام في الثياب الوسخة، ولو وسخت حال الإحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرماً، ولا بأس بتبديلها.
4 ـ الإحرام في الثياب المعلّمة ، أي المشتملة على الرسم
( 287 )
ونحوه.
5 ـ استعمال الحنّاء قبل الإحرام إذا كان أثره باقياً إلى وقت الإحرام .
6 ـ دخول الحمّام، والأولى بل الأحوط أن لا يدلك المحرم جسده .
7 ـ تلبية من يناديه، بل الأحوط ترك ذلك .
دخول الحرم ومستحبّاته
يستحب في دخول الحرم أمور :
1 ـ النزول من المركوب عند وصوله الحرم، والاغتسال لدخوله.
2 ـ خلع نعليه عند دخول الحرم، وأخذهما بيده تواضعاً وخشوعاً لله سبحانه.
3 ـ أن يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم:
"اللَّهُمَّ إنَّك قُلتَ في كتابِكَ، وقولُكَ الحقّ: وَأذِّن في النّاس بالحجِّ يأتُوكَ رجالاً وَعلى كُلِّ ضامرٍ يأتينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَميقٍ، اللّهُمَّ إنِّي أرجو أنْ أكُونَ مِمَّنْ أجابَ دعوتَكَ، قَد جئتُ من شُقَّةٍ بَعيدةٍ وَفَجٍّ عَميقٍ، سامعاً لِنِدائِكَ وَمُستجيباً لَكَ، مُطيعاً لأمْركَ وكلُّ ذلك بِفَضْلكَ عَليَّ وإحسانكَ إليَّ.
( 288 )
فَلكَ الحَمْدُ على ما وَفَّقْتَني لَهُ أبتغي بذلك الزُّلْفةَ عندَكَ، والقُربَةَ إليكَ والمنزلةَ لَدَيك، والمغْفِرةَ لذُنُوبي، والتَّوبَةَ عليَّ منها بمنِّكَ، اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وآل مُحمّدٍ وَحرِّم بَدَني على النّار، وَآمِنّي مِن عَذابِكَ بِرَحمَتِكَ يا أرْحَمَ الرّاحمين".
4 ـ أن يمضغ شيئاً من الإذخر عند دخوله الحرم.
آداب دخول مكّة المكرّمة
والمسجد الحرام
يستحبّ لمن أراد أن يدخل مكّة المكرّمة أن يغتسل قبل دخولها، وان يدخلها بسكينة ووقار، ويستحبّ لمن جاء من طريق المدينة أن يدخل من أعلاها ويخرج من أسفلها.
ويستحبّ أن يكون حال دخول المسجد حافياً على سكينة ووقار وخشوع، وان يكون دخوله من باب بني شيبة، وهذا الباب وإن جهل فعلاً من جهة توسعة المسجد إلاّ أنّه قال بعضهم إنّه كان بإزاء باب السلام، فالأولى الدخول من باب السلام، ثمّ يأتي مستقيماً إلى أن يتجاوز الاسطوانات .
ويستحبّ أن يقف على باب المسجد ويقول :
" السَّلامُ عَليكَ أيُّها النبيُّ وَرحمَةُ الله وبركاتُهُ، بسم الله وبالله، وَمِنَ الله وما شاء الله، السَّلامُ عَلى أنبياء الله ورُسُله، والسَّلامُ على
( 289 )
رَسُول الله، والسَّلامُ عَلى إبراهيمَ خَلِيل الله، والحَمْدُ لله ربّ العالمِينَ".
ثمّ يدخل المسجد متوجّهاً إلى الكعبة رافعاً يديه إلى السماء ويقول :
" اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ في مَقامي هذا، في أوّل مناسِكي، أن تَقبَلَ تَوبَتي وان تجاوَزَ عن خَطيئَتي وَتَضَعَ عَنِّي وِزْرِي، الحَمْدُ لله الَّذي بَلَغَني بَيْتَهُ الحرامَ، اللّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ هذا بيتُكَ الحرامُ الَّذي جعلتَهُ مثابَةً للنّاس وأمْناً مُباركاً وهُدىً للعالمين.
اللّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ، والبلدُ بلدُكَ، والبيتُ بيتُكَ، جئتُ أطلبُ رَحمَتَكَ، وأؤُمّ طاعَتَكَ، مُطيعاً لأمرك، راضياً بقَدَرك، أسألُكَ مسألةَ الفقير إليكَ، الخائِفُ لِعُقُوبَتِكَ، اللّهُمَّ افتَحْ لي أبْوابَ رَحمَتِك، واسْتَعْمِلني بطاعتِكَ ومَرْضاتِكَ ".
وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول :
" بسم الله وبالله، ومِن الله وإلى الله وما شاء الله، وعلى مِلَّة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وخيرُ الأسماء لله، والحَمْدُ لله، والسَّلامُ على رَسُول الله صلّى الله عليه وآله، السَّلامُ على محمّد بن عبدالله، السَّلام عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُهُ، السَّلامُ على أنبياء الله، ورُسلُه، السَّلامُ على إبراهيمَ خَليل الرَّحمن، السَّلامُ على المُرْسَلينَ، والحَمْدُ لله رَبِّ العالَمينَ، السَّلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين.
اللّهُمَّ صلِّ على محمَّدٍ وَآلِ محمَّدٍ، وباركْ على محمَّدٍ وآل
اسم الکتاب : إيضاح مناسك الحج المؤلف : السيستاني، السيد علي    الجزء : 1  صفحة : 289
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست