و لم يجب
فيه بشيء لعدم تمكّنه من التصريح بالجواب. و عليه يحمل قوله: (ما أحسنها)، و لهذا
خفض صوته بها، تمويها عن السؤال و إعراضا عن الجواب.
فان قيل:
جاز أن يقصد بالفاتحة الدعاء، لتضمّنها ذلك، فيصلح للتأمين حينئذ لوقوعها موقعها.
فالجواب: القصد ليس
بواجب، إذ لم يقل به أحد، و القائل بها قائل بالاستحباب مطلقا، و لم يقيّده
بالقصد. و أيضا فإذا قصد بالقراءة الدعاء فقط، كان داعيا لا قارئا، و إن قصد
القراءة خرجت عن كونها تأمينا، و إن قصدهما معا كان مستعملا للمشترك في كلي معنييه،
و قد بيّن بطلانه في موضعه.
قال طاب
ثراه: و هل تعاد البسملة بينهما؟ قيل: لا، و هو أشبه.
أقول: سورة الضحى
و أ لم نشرح واحدة، و كذا الفيل و لإيلاف. فإذا أراد قراءتهما في الفريضة لم يجز
إفراد أحدهما من صاحبتها، بل تقرأهما معا، و هل يجب إعادة البسملة بينهما أم لا؟
لأصحابنا قولان:
أحدهما: لا
تعاد، قاله الشيخ في التبيان [2] و اختاره المصنّف [3].
[2]
التبيان: ج 10، ص 371، قال في تفسير سورة الانشراح: روى أصحابنا «ان أ لم نشرح من
الضحى سورة واحدة، لتعلّق بعضها ببعض، و لم يفصلوا بينهما ب «بسم اللّه الرحمن
الرحيم» و أوجبوا قراءتهما في ركعة، و الا يفصل بينهما» الى آخره.
[3] الشرائع:
ج 1، ص 83، كتاب الصلاة، الركن الثاني في أفعال الصلاة، قال في المسألة الثالثة:
«روى أصحابنا إن الضحى و ا لم نشرح سورة واحدة و كذا الفيل مع الإيلاف، فلا يجوز
إفراد أحدهما من صاحبتها في كل ركعة، و لا يفتقر إلى البسملة بينهما على الأظهر».
[1]
التهذيب: ج 2، ص 75، باب 8 كيفية الصلاة و صفتها و شرح الإحدى و خمسين ركعة و
ترتيبها و القراءة فيها، حديث 46.
اسم الکتاب : المهذب البارع في شرح المختصر النافع المؤلف : ابن فهد الحلي الجزء : 1 صفحة : 369