اسم الکتاب : المهذب البارع في شرح المختصر النافع المؤلف : ابن فهد الحلي الجزء : 1 صفحة : 316
..........
عدول فلا يكون مأمورا به.
قلنا:
أمّا الجواب عن الأوّل، فإنّه و إن كانت النصوص خالية عن تعيين الجهة نطقا،
فإنّها غير خالية من التنبيه عليها، إذ لم يثبت وجوب استقبال الجهة التي دلّت عليه
العلائم و ثبت الأمر بالتياسر بمعنى انه عن السمت المدلول عليه.
و عن
الثاني: بالتفصّي عن إبانة الحكمة في التياسر، فإنّه غير لازم في كلّ موضع،
بل غير ممكن في كلّ تكليف. و من شأن الفقيه تلقّي الحكم مهما صحّ المستند.
أو نقول: إمّا أن
يكون الأمر بالتياسر ثابتا، و إمّا أن لا يكون. فإن كان لزم الامتثال تلقّيا عن
صاحب الشرع، و إن لم يعط العلّة الموجبة للتشريع. و إن لم يكن ثابتا، فلا حكمة.
و يمكن أن
نتكلّف إبانة الحكمة، بأن نقول: لمّا كانت الحكمة متعلّقة باستقبال الحرم، و كان
المستقبل من أهل الآفاق قد يخرج من الاستناد إلى العلامات عن سمته، بأن يكون
منحرفا إلى اليمين، و قدر الحرم يسير عن يمين الكعبة، فلو اقتصر على ما يظنّ أنّه
جهة الاستقبال أمكن أن يكون مائلا إلى جهة اليمين فيخرج عن الحرم، و هو يظنّ
استقباله. إذ محاذاة العلائم على الوجه المحرّر قد يخفى على المهندس الماهر، فيكون
التياسر يسيرا عن سمت العلائم مفضيا إلى سمت المحاذاة، و يشهد لهذا التأويل ما روي
عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و قد سئل عن سبب التحريف عن القبلة ذات اليسار؟
فقال: ان الحرم عن يسار الكعبة ثمانية أميال، و عن يمينها أربعة أميال، فإذا انحرف
ذات اليمين خرج عن حدّ القبلة، و إن انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حدّ القبلة[1].
و هذا
الحديث يؤذن بأن المقابلة قد يحصل معها احتمال الانحراف.
[1]
الفقيه: ج 1، ص 178، حديث 2، باب 42 القبلة. نقلا بالمضمون.
اسم الکتاب : المهذب البارع في شرح المختصر النافع المؤلف : ابن فهد الحلي الجزء : 1 صفحة : 316