الخلاف أنه لم ير قائلاً بالوجوب[1] . وكيف كان، فقد اختار صاحب الحدائق الوجوب أو مال إليه للأمر به في النصوص وهو حقيقة في الوجوب ، وذكر أن حمل الأخبار المطلقة على مقيّدها يقتضي وجوب الاجهار[2] .
ويرد عليه : أن المستفاد من الأخبار إنما هو الاستحباب لا الوجوب ، فإن عمدة ما استدل به صاحب الحدائق روايات ثلاث :
الاُولى : صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة[3] ، قال (عليه السلام) بعدما ذكر التلبيات الواجبة والمستحبة : "وأكثر ما استطعت واجهر بها" ، فإن الأمر بالاجهار لا يختص بالتلبيات الأربع الواجبة بل يرجع إلى التلبيات الكثيرة المذكورة في الدعاء ولا ريب أن هذه التلبيات الكثيرة مستحبة في نفسها ، فكيف يمكن أن يكون الجهر بها واجبا .
الثانية : ما روى عن حريز بطرق عديدة بعضها ضعيف للرفع كرواية الكليني وبعضها صحيح كطريق الصدوق والشيخ ، فإنهما رويا عن حريز بن عبدالله ـ وما في الوسائل عن حريز عن عبدالله غلط ـ ومحمّد بن سهل عن أبيه عن أشياخه عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وجماعة من أصحابنا ممن روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) أنهما قالا : "لما أحرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أتاه جبرائيل (عليه السلام) فقال له : مر أصحابك بالعج والثج ، فالعج رفع الصوت والثج نحر البدن ، قال وقال جابر بن عبدالله : فما مشى الروحا حتى بحت أصواتنا"[4] .
والجواب : أنّ الأمر بالعج ورفع الصوت إنما هو بعد تحقق الإحرام وأداء التلبية الواجبة التي يتحقّق بها الإحرام ، لا في التلبية الاُولى التي توجب الإحرام ، ولا ريب
ــــــــــــــــــــــــــــ