يدل بوضوح على انتقاض الغسل بالنوم وأنه إذا دخل بعد النوم فقد دخلها من غير غسل ، والسؤال وإن كان عن النوم فلا يشمل حدثاً آخر ولكن الظاهر أن القصد من السؤال لم يكن مقصوراً على النوم ، وإنما منظوره في السؤال أنه هل يجزئ الوضوء عن الغسل السابق الملحوق بالنوم ؟ وأنّ الغسل السابق هل انتقض بالنوم ويحتاج إلى الوضوء لدخول مكّة أم لا ؟ فسؤاله مسوق لإجزاء الوضوء عن الغسل السابق الذي صدر بعده النوم ، وأجاب (عليه السلام) بعدم إجزاء الوضوء عن الغسل السابق ، فلا نظر إلى خصوص النوم ، بل لا نحتمل خصوصية للنوم ، وإنما الغرض انتقاض الغسل وإجزاء الوضوء عنه .
كما يستظهر منه عدم الاختصاص بالغسل لدخول مكّة ، بل المنظور بالعمل الذي يعتبر فيه الغسل إحراماً كان أم غيره من الأعمال ، غاية الأمر مصداقه في الرواية إنّما هو الغسل لدخول مكّة المكرّمة ، فإن المستفاد من التعليل الوارد في الرواية "لأنّه إنّما دخل بوضوء" أن كل عمل اعتبر فيه الغسل سواء كان إحراماً أو غيره ينتقض بالنوم باعتبار أنه حدث لا لخصوصية فيه ، كما لا خصوصية لغسل الدخول في مكّة وإنّما ذكر ذلك في الرواية من باب ذكر المصداق لحكم كلّي ، فإنّ التعليل يقتضي عموم الحكم لمطلق الحدث ولمطلق الغسل .
ثمّ إنّ الرواية رواها الكليني على النحو المتقدِّم[1] ، ولكن الشيخ رواها في التهذيب[2] وذكر "يغتسل للزيارة" بدل "يغتسل لدخول مكّة" ، وذكر في ذيل الرواية "إنّما دخل بوضوء" مع أنّ المناسب أن يذكر "إنّما زار بوضوء" ليطابق الصدر ولعلّه وقع السهو من قلمه الشريف أو من النساخ ، وما ذكره الكليني هو الصحيح وكيف كان لا يفرق الحال بين الأمرين .
وممّا يدل على انتقاض الغسل بمطلق الحدث موثق إسحاق بن عمّار "عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار ويزور باللّيل بغسل واحد ، قال : يجزئه إن لم يحدث ، فإن
ــــــــــــــــــــــــــــ