على أنّ الظاهر أنّ قوله (عليه السلام) : "ثمّ تشهد ... " إلخ ناظر إلى ما بعد السلام ، وأ نّه بعد الفراغ من الصلاة يأتي بهذه الأعمال من التشهّد والحمد والثناء وغيرها من المذكورات ، وذلك من جهة كلمة "ثمّ" الظاهرة في التفريع على صلاة ركعتين ، فليس التشهّد المزبور من التشهّد الصلاتي في شيء .
فتلخص من جميع ما ذكرناه : أنّ القول بالاستحباب استناداً إلى هذه الروايات ضعيف جدّاً ، لعدم تمامية الاستدلال بشيء منها ، فلا مناص من القول بالوجوب . وأمّا ما نسب إلى المشهور من الاستحباب فالمراد به التسليم الأخير .
بقي شيء : وهو أنّ السيِّد الماتن (قدس سره) ذكر أنّ التسليم وإن كان جزءاً لكنّه ليس بركن ، فلو تركه عمداً بطلت صلاته تحقيقاً لما تقتضيه الجزئية . وأمّا لو تركه سهواً فان كان التذكّر بعد الاتيان بشيء من المنافيات عمداً وسهواً كالحدث ، أو بعد فوات الموالاة لا يجب تداركه ، لحديث لا تعاد المستفاد منه عدم جزئية غير الخمس حال النسيان ، وإنّما تختص جزئيّتها بحال الالتفات والذكر فيكون الحدث واقعاً قهراً خارج الصلاة لا أثناءها ، فالصلاة في هذا الفرض محكومة بالصحّة غايته الاتيان بسجدتي السهو ولو احتياطاً للنقصان بترك التسليم .
وإن كان التذكّر قبل ذلك أتى به لبقاء محل تداركه ، ومعه لا يجري حديث لا تعاد كما لا يخفى ، ولا شيء عليه إلاّ أ نّه إذا كان قد تكلّم فتجب عليه حينئذ سجدتا السهو لعدم كونه منافياً ومبطلاً إلاّ حال العمد دون السهو . وأورد عليه شيخنا الاُستاذ (قدس سره) في تعليقته الأنيقة [1] وتبعه غير واحد من تلامذته فحكموا بالبطلان فيما إذا كان التذكّر بعد الحدث أو
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] العروة الوثقى مع تعليقات عدّة من الفقهاء 2 : 593