إذن فتكليفه بالزكاة لو سُلِّم لا يستدعي المطالبة منه قهراً بوجه ، ولا سيّما بعد ما ورد في جملة من النصوص[1] من أنّ الكافر ليس عليه شيء غير الجزية ، التي منها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): في أهل الجزية يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية؟ "قال : لا"[2].
فأخذ الزكاة منه مناف لصراحة هذه النصوص في أ نّه لا شيء عليه ما عدا الجزية الشامل نفي الجنس للزكاة ، بل لعلّها أظهر الأفراد .
على أنّ السيرة العمليّة خَلَفاً عن سَلَف قائمة على عدم مطالبته بها ، إذ لم يُعهَد لا في عصر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ولا في عهد الخلفاء جباية الزكوات من الكفّار ، ولم ينقل ذلك في تأريخ ولا رواية ، بل كانت الجباية خاصّة بمن يعتنق الإسلام فحسب .
وعلى الجملة : فأخذ الزكاة من الكافر مناف لمقتضى القاعدة وللنصوص الحاصرة وللسيرة العمليّة حسبما عرفت .
وأشكلُ من ذلك : أخذُ عوضها منه لو اُتلف والحكم بضمانه لها ، ضرورة أنّ القدر المتيقّن من السيرة المزبورة وكذا من حديث جبّ الإسلام هو صورة التلف وعدم بقاء العين ، إذ لم تُعهَد مطالبة الكافر ولا سيّما بعد أن أسلم بزكوات السنين الماضية يقيناً ، فما ذكره في المتن من الحكم بأخذ العوض منه لو اُتلف مشكلٌ جدّاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] مورد هذه النصوص هو الكافر الذمّي ، وعدم مطالبته بشيء هو مقتضى كونه في الذمّة فلا يقاس به غيره .