ومن الواضح أنّ الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً وإن نافاه خطاباً ، فالتكليف وإن كان ساقطاً بمناط امتناع خطاب العاجز إلاّ أنّ الملاك الفعلي الملزم موجود ، وتفويته مستوجب للعقاب بحكومة العقل ، ولأجله لا مانع من تعلّق الزكاة ـ كالقضاء ـ بالكافر كالمسلم بمناط واحد .
ويندفع : بأنّ هذا وإن كان ممكناً ثبوتاً إلاّ أ نّه عار عن الدليل في مرحلة الإثبات ، إذ لا طريق لنا إلى استعلام ملاكات الأحكام من غير ناحية الأوامر أنفسها ، والمفروض امتناع تعلّق الأمر في المقام ، لعدم قبوله للامتثال في حال من الحالات كما عرفت ، ومعه كيف يستكشف تحقّق المناط والملاك ليكون تفويته المستند إلى سوء الاختيار مستوجباً للعقاب ؟! وهل يمكن دلالة قوله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * ا لَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) [1] ـ ولو مع الغضّ عن ذيلها ـ على ثبوت الأمر بالزكاة الذي هو أمرٌ مستحيل كما عرفت ؟!
واُخرى : بأنّ دليل التكليف بالزكاة وإن كان قاصر الشمول بالإضافة إلى الكافر كما ذكر ، إلاّ أنّ أدلّة الوضع ـ التي مرجعها إلى شركة الفقراء معه في المال ـ غير قاصر الشمول له ، لعرائه عن أيّ محذور ، ونتيجته جواز انتزاع المال منه قهراً أو اختياراً .
ويندفع أيضاً : بما مرّ مراراً من عدم الإطلاق في هذه الأدلّة ، لعدم كونها في مقام البيان إلاّ من ناحية المقدار بعد الفراغ عن أصل تعلّق الزكاة وأ نّها في أيّ مورد ثبتت فمقدارها هكذا ، وأمّا أ نّها في أيّ مورد تثبت وتجب وفي أيّ مورد لا تجب فليست في مقام البيان من هذه الناحية أبداً ليُتمسّك بإطلاقها ويُدّعى شمولها للكافر .
ــــــــــــــــــــــــــــ