ما بعد الفراغ عن العمل ، كماقد تقتضـيه هيئة باب الإفعال ، فإنّ الإبطال يستدعي فرض وجود عمل صحيح مفروغ عنه ليعرضه هذا الوصف ، فمفادها حرمة الإتيان بعد العمل بما يوجب إبطاله، أي زوال أثره وحبط ثوابه، فيتّحد مفادها مع قوله تعالى: (لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَا لاَْذَى)[1]، فلا دلالة فيها بوجه على لزوم إتمام العمل وعدم جواز قطعه[2].
على أنّ ذلك موجب لتخصيص الأكثر المستهجن ، لجواز القطع في جميع المستحبّات ما عدا الحجّ المندوب وفي جملة من الواجبات كقضاء شهر رمضان الموسّع والنذر المطلق ونحوهما .
واُخرى ـ وهي أوجه من الاُولى ـ : بما دلّ على وجوب الكفّارة لو جامع خلال الثلاثة ، فإنّها تدلّ بالالتزام على حرمة القطع ، إذ لا معنى للتكفير عن أمر مباح .
ويدفعه أوّلا : أنّ الكفّارة وإن كانت ثابتة كما تقدّم وسيأتي إن شاء الله[3] ، إلاّ أنّها لا تستلزم الحرمة بوجه كما في كفّارة التأخير إلى أن ضاق الوقت عن قضاء شهر رمضان بحلول السنة الجديدة ، فإنّه جائز على الأقوى وإن وجب الفداء ، وكما في التكفير عن جملة من تروك الإحرام فيما لو اضطرّ إلى ارتكابها .
وثانياً : سلّمنا الملازمة إلاّ أنّ غايتها التلازم بين الكفّارة وبين حرمة حصّة خاصّة من الإبطال والقطع ـ أعني : الإبطال بموجب الكفّارة ـ وهو الجماع لا مطلق الإبطال ولو بشيء آخر ، كالخروج عن المسجد عمداً لا لحاجة ، إذ لا مقتضي للملازمة بين وجوب التكفير وبين حرمة طبيعي القطع على إطلاقه
ــــــــــــــــــــــــــــ