اسم الکتاب : المبسوط في فقه الإمامية المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 5 صفحة : 96
و إنما قلنا إن مثل ذلك لا يجوز، لأن الله تعالى عاقب من احتال حيلة محظورة عقوبة شديدة، حتى مسخ من فعله قردة و خنازير، فقال تعالى «وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ»[1] القصة كان الله تعالى حرم عليهم صيد السمك يوم السبت فاحتالوا فوضعوا الشباك يوم الجمعة، فدخل السمك يوم السبت، و طرحوا الشبك و أخذوا السمك يوم الأحد، فقال تعالى «فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ»[2].
و قال (صلى الله عليه و آله): لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا أثمانها.
فلما نظر محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة إلى هذا قال لا ينبغي أن يتوصل إلى المباح بالمعاصي، ثم نقض ذلك فقال: لو أن رجلا حضر عند الحاكم و ادعى أن فلانة زوجتي و هو يعلم أنه كاذب و شهد له بذلك شاهدان زورا، و هما يعلمان ذلك فحكم الحاكم له بها، حلت له ظاهرا و باطنا.
و كذلك لو أن رجلا تزوج بامرأة جميلة فرغب فيها أجنبي
قبل دخول زوجها بها فأتى الأجنبي الحاكم فادعاها زوجة و أن زوجها طلقها قبل الدخول بها، و تزوجت بها، و شهد له بذلك شاهدا زور فحكم الحاكم بذلك، نفذ حكمه، و حرمت على الأول ظاهرا و باطنا، و حلت لهذا المحتال ظاهرا و باطنا، و نعوذ بالله من مذهب يؤدي إلى هذا.
فإذا ثبت أن مثل هذا لا يجوز، و إنما يجوز ما يكون حلالا يتوصل به إلى حلال، فالإيمان على ضربين: حيلة تمنع الحنث، و حيلة تمنع الانعقاد.
فالتي تمنع الحنث على ضربين أحدهما الخلع في النكاح و إزالة الملك في الرقيق فإذا قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فالحيلة في دخولها أن يخالعها فتبين بذلك، ثم تدخل الدار فتنحل اليمين، ثم يعقد النكاح عليها.
و إذا قال لعبده إن دخلت الدار فأنت حر فالحيلة أن يبيعه ثم يدخل الدار