اسم الکتاب : المبسوط في فقه الإمامية المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 310
له الرجوع فيها بحال.
الهبات على ثلاثة أضرب:
هبة لمن هو فوق الواهب، و هبة لمن هو دونه، و هبة لمن هو مثله.
فأما الهبة لمن هو دونه، فمثل هبة السلطان للرعية، و الأستاد للغلام، و الغنى للفقير، فإنها لا تقتضي الثواب، لأنه يقصد بها نفع الموهوب له، و أما الهبة لمن هو مثله فمثل أن يهب السلطان لمثله، و الغنى للغنى، و التاجر للتاجر، فإنها لا تقتضي الثواب أيضا لأنها للتحاب و التواد.
و أما الهبة لمن هو فوقه من هبة الرعية لسلطانهم، و الفقير للغني، و الغلام للأستاد، فهل يقتضي الثواب أم لا؟ قيل فيه وجهان أحدهما يقتضي الثواب، و الثاني لا يقتضي الثواب.
هذا قول مخالفينا و الذي يقتضيه مذهبنا أنه يقتضي الثواب على كل حال لعموم الأخبار في ذلك، مثل ما رواه أصحابنا و قد أوردناها في الكتاب الكبير في الأخبار.
و روى أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال الواهب أحق بهبته ما لم يثب [1] منها، و روى عن عائشة أنها قالت كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقبل الهدية و يثيب عليها.
فإذا ثبت هذا فمن قال لا يقتضي الثواب قال إذا وهب لا يخلو إما أن يطلق أو يشرط الثواب، فإن أطلق فإنها تلزم بالتسليم و لا رجوع له فيها، و إن أثابه الموهوب له كان ذلك ابتداء هبة، و لا يكون بدلا في الحقيقة، و لا يتعلق إحدى الهبتين بالأخرى فإذا وقع الاستحقاق [2] في أحدهما و استرجعت لم يؤثر ذلك في الأخرى.
و إن شرط الثواب لم يخل إما أن يشرط ثوابا مجهولا أو معلوما، فان شرط ثوابا مجهولا كان العقد باطلا، لأنه تمليك عين ببدل مجهول، و ذلك لا يجوز كالبيع بثمن مجهول، و إن شرط ثوابا معلوما قيل فيه قولان أحدهما يصح، و الآخر لا يصح فمن قال لا يصح كان للواهب استرجاع الهبة إن كانت باقية، و إن كانت تالفة فقيمتها، و