اسم الکتاب : المبسوط في فقه الإمامية المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 37
و من لا تؤخذ منه الجزية لم يحل ذلك بلا خلاف.
فأما المجوس فحكمهم حكم أهل الكتاب، و روى أصحابنا أنه كان لهم كتاب فأحرقوه، و روى ذلك عن علي (عليه السلام).
و إذا أحاط المسلمون بقوم من المشركين فذكروا أنهم أهل كتاب و بذلوا الجزية فإنه تقبل منهم لأنه لا يتوصل إلى معرفة دينهم إلى من جهتهم فيعقد لهم الجزية بشرط أنهم إن كانوا على ما قالوا ثبت العهد، و إن كانوا بخلافه نبذ إليهم، و يعرف ذلك بأحد أمرين: إما أن يقروا كلهم أو يسلم اثنان منهم و يعدلان و يشهدان أنهم ليسوا بأهل كتاب. فإن قال بعضهم: إنا أهل كتاب و قال بعضهم: لسنا أهل كتاب حكم لكل قوم منهم بحسب قوله، و لا يقبل قول بعضهم على بعض لأن شهادة الكفار بعضهم على بعض لا تقبل. فإن دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب قبل النسخ و له ابنان صغير و كبير فأقاما على عبادة الأوثان ثم جاء الإسلام و نسخ كتابهم فإن الصغير إذا بلغ و قال: إننى على دين أبى و أبذل الجزية أقر عليه لأنه تبع أباه في الدين، و أما الكبير فإن أراد أن يقيم على دين أبيه و يبذل الجزية لم يقبل منه لأن له حكم نفسه و دخوله في الدين بعد النسخ لا يصح. فإن كانت المسئلة بحالها و دخل أبوهما في دين أهل الكتاب ثم مات ثم جاء الإسلام و بلغ الصبي و اختار دين أبيه ببذل الجزية أقر عليه لأنه تبعه في دينه فلا تسقط بموته، و الكبير فلا يقر بحال لأن له حكم نفسه.
فصل: في كيفية عقد الجزية و الأمان و مقدار الجزية و من تجب عليه
الأمان على ضربين: هدنة و عقد جزية. فلهدنة عقد أمان إلى مدة إما على عوض أو على غير عوض، و سنبين حكمه فيما بعد، و أما عقد الجزية فهو الذمة و لا يصح إلا بشرطين: التزام الجزية و أن يجرى عليهم أحكام المسلمين مطلقا من غير استثناء. فالتزام الجزية و ضمانها لا بد منه لقوله تعالى «قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ» إلى قوله «حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ»[1] و حقيقة الإعطاء هو الدفع غير أن