اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 529
قال محمّد بن إدريس: لا فرق بين الأمرين في أنّ ذلك لا يحرّمها على الأب، لأنّ الرسول (عليه السلام) قال: لا يحرّم الحرام الحلال [1] و قال تعالى:
فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ[2] و هذه قد طابت، و قال تعالى أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ[3] و هذه ملك يمين، و الأصل الإباحة أيضا، فلا يرجع عن هذه الأدلة القاهرة بأخبار الآحاد، إذ لا إجماع منعقد على تحريم هذه الجارية على الأب، و لا نص كتاب، و لا سنّة متواترة، و دليل العقل غير مانع من وطيها، و إلى هذا ذهب شيخنا، أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه، في كتابه، كتاب من لا يحضره فقيه، قال: و إن زنى رجل بامرأة ابنه أو امرأة أبيه، أو بجارية ابنه، أو بجارية أبيه، فإنّ ذلك لا يحرّمها على زوجها، و لا يحرم الجارية على سيّدها، و انّما يحرّم ذلك إذا كان ذلك منه بالجارية و هي حلال، فلا تحل تلك الجارية أبدا لابنه، و لا لأبيه [4] هذا آخر كلام ابن بابويه.
و نعم ما قال، فإنّه كان ثقة جليل القدر، بصيرا بالأخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، حفظة، و هو أستاذ شيخنا المفيد، محمّد بن محمّد بن النعمان.
و قد روى أنّ من فجر بعمته أو خالته لم تحل له ابنتاهما أبدا [5]، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته [6]، و شيخنا المفيد في مقنعته [7]، و السيد المرتضى في انتصاره [8]، فإن كان على المسألة إجماع، فهو الدليل عليها، و نحن قائلون و عاملون بذلك، و إن لم يكن إجماعا، فلا دليل على تحريم البنتين المذكورتين، من كتاب و لا سنّة، و لا دليل عقل، و ليس دليل الإجماع في قول رجلين، و لا
[1] الوسائل: الباب 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة، ح 12.