اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 505
و إذا قال: له عليّ ألف درهم وديعة، قبل منه، لأنّ لفظة عليّ للإيجاب، و كما يكون الحقّ في ذمته، فيجب عليه تسليمه بإقراره، كذلك يكون في يده، فيجب عليه ردّه و تسليمه إلى المقرّ له بإقراره.
و لو ادّعى التلف بعد الإقرار قبل، لأنّه لم يكذب إقراره، و انّما ادّعى تلف ما أقرّ به بعد ثبوته بإقراره، بخلاف ما إذا ادّعى التلف وقت الإقرار، بأن يقول:
كان عندي أنّها باقية، فأقررت لك بها، و كانت تالفة في ذلك الوقت، فانّ ذلك لا يقبل منه، لأنّه يكذب إقراره المتقدّم من حيث كان تلف الوديعة من غير تعد يسقط حق المودع.
و الذي يقوى في نفسي، أنّه إذا قال: له عليّ ألف درهم وديعة، لا يقبل منه، لأنّ لفظة «عليّ» للإيجاب و الالتزام، و الوديعة غير لازمة له و لا واجبة في ذمته، و لا في يده، فلا يجب تسليمها إلا بعد مطالبة المودع، فحينئذ يجب، و قبل ذلك لا يجب، فإذن التمسّك الأوّل غير معتمد، بل لو قال: له عندي ألف درهم وديعة، قبل منه، لأنّ عندي لفظة غير موجبة و لا لازمة، و إن كان قد ذكر الأول بعض أصحابنا [1]، و سطّره في كتابه، فإنّه من تخاريج المخالفين، و استحساناتهم، فأمّا كلام العرب الذي نزل القرآن بلغتهم، يقتضي ما ذكرناه، إذ لا نص على خلاف ما ذهبنا إليه، و لا إجماع.
و إذا قال: له عليّ ألف درهم إن شئت، لم يكن لكلامه حكم، لأنّ الإقرار إخبار عن حقّ واجب سابق له، و ما كان كذلك لم يصحّ تعلقه بشرط مستقبل.
و إذا قال: له من ميراثي من أبي ألف درهم، لم يكن أيضا إقرارا، لأنّه أضاف الميراث إلى نفسه، ثمّ جعل له منه جزء و لا يكون له جزء من ماله إلا على وجه الهبة أو الصدقة.
[1] و هو الشيخ (قدس سره) في الخلاف: كتاب الإقرار، المسألة 19.
اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 505