اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 485
تعالى «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ»[1] و المثل قد يكون من حيث الصورة، و من حيث القيمة، و إذا لم يكن للمنافع مثل من حيث الصورة، وجبت القيمة.
و إذا غصب أرضا فزرعها ببذر من عنده و ماله، و غرسها كذلك، فالزرع و الشجر له، لأنّه عين ماله، و إنّما تغيّرت صفته بالزيادة و النماء، على ما قدّمناه و حرّرناه، و عليه أجرة الأرض، لأنّه قد انتفع بها بغير حقّ، فصار غاصبا للمنفعة، فلزمه ضمانها، و عليه أرش نقصانها، إن حصل بها نقص، لأنّ ذلك حصل بفعله، و متى قلع الشجر فعليه تسوية الأرض.
و كذا لو حفر بئرا، أجبر على طمّها، و للغاصب ذلك، و إن كره مالك الأرض لما في تركه من الضرر عليه بضمان ما يتردّى فيها، هكذا ذكره بعض أصحابنا.
و الأولى عندي أنّ صاحب الأرض إذا رضي بعد حفره بالحفر، و منعه من الطم، فله المنع، و لا يكون الحافر ضامنا لما يقع فيها، لأنّ صاحب الأرض قد رضي، فكأنّما أمره بحفرها ابتداء.
و من حل دابة، فشردت، أو فتح قفصا، فذهب ما فيه، لزمه الضمان، سواء كان ذلك عقيب الحلّ و الفتح، أو بعد ان وقفا، لأنّ ذلك كالسبب في الذهاب، و لولاه لما أمكن، و لم يحدث سبب آخر من غيره، فوجب عليه الضمان.
و لا خلاف أنّه لو حلّ رأس الزق، فخرج ما فيه، و هو مطروح، لا يمسك ما فيه من غير الشدّ، لزمه الضمان، و قال بعض أصحابنا: و لو كان الزق قائما مستندا، و بقي محلولا، حتى حدث به ما أسقطه من ريح، أو زلزلة، أو غيرهما، فاندفق ما فيه، لم يلزمه الضمان، لأنّه قد حصل هاهنا مباشرة، و سبب من غيره [2].