اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 446
و لا بأس أن يشارك المزارع غيره، و لم يكن لصاحب الأرض خلافه، و هذا جميعه حسن، ذكره في باب المزارعة، على ما قدّمناه.
ثمّ قال: و من آجر غيره أرضا، كان للمستأجر أن يقيم في الأرض من ينوب عنه، و يقوم مقامه.
ثمّ قال: و من استأجر أرضا بالنصف أو الثلث أو الربع، جاز له أن يؤجرها غيره بأكثر من ذلك و أقلّ.
قال محمّد بن إدريس: هذا غير مستقيم، و الإجارة هاهنا باطلة، لأنّ الأجرة تحتاج أن تكون مضمونة في ذمة المستأجر، و الثلث و الربع المذكور غير مضمون، و ربما لم تخرج الأرض شيئا، و هذا غرر عظيم منهي عنه، و النهي يدلّ على فساد المنهي عنه.
ثمّ قال: و إذا استأجرها بالدراهم و الدنانير، لم يجز له أن يوجرها بأكثر من ذلك، إلا أن يحدث فيها حدثا، من حفر نهر، أو كرى ساقية، و ما أشبه ذلك [1].
و الذي يقوى في نفسي، أنّه يجوز له أن يوجرها بأكثر من ذلك الجنس الذي استأجرها به، و إن لم يحدث فيها حدثا، لأنّ منافعها صارت مستحقة له، يفعل فيها ما شاء، و يوجرها لمن شاء بما شاء، لا مانع يمنع منه من كتاب و لا سنّة مقطوع بها، و لا إجماع، لأنّ بينهم خلافا في ذلك، و ما روي في ذلك [2] أخبار آحاد تحمل على الكراهة، دون الحظر، فأمّا إذا اختلف الجنس فلا خلاف بينهم في جواز ذلك، من غير حظر و لا كراهة، بأكثر أو أقل، سواء أحدث فيها حدثا، أو لم يحدث، مثال ذلك أن يستأجرها بدنانير، فيؤجرها بدراهم، أو يستأجرها بخبطه في ذمته، لا ممّا تخرج الأرض، و يؤجرها بدنانير أو دراهم و أشباه ذلك.
ثمّ قال: فإن كان شرط المزارع أن يأخذ بذره قبل القسمة، كان له ذلك، و إن
[1] النهاية: كتاب التجارة، باب المزارعة و المساقاة.