اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 370
العرايا بخرصها، فعل ذلك بهم رفقا لأهل الحاجة، الذين لا يقدرون على الرطب، و لم يرخّص [1] لهم أن يبتاعوا منه ما يكون للتجارة و الذخائر.
و قال آخرون: هي النخلة يهب الرجل ثمرتها للمحتاج، و يعريها إيّاه، فيأتي المعرا، و هو الموهوب له، إلى نخلته تلك ليجتنيها، فيشق ذلك على المعرى و هو الواهب لمكان أهله في النخل، فرخّص للبائع خاصة أن يشتري ثمرة تلك النخلة من الموهوب له بخرصها.
و قال آخرون: شكا رجال إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أنّهم محتاجون إلى الرطب، يأتي و لا يكون بأيديهم ما يبتاعون به فيأكلونه مع الناس، و عندهم التمر، فرخّص لهم أن يبتاعوا العرايا، بخرصها من التمر الذي في أيديهم.
و قال آخرون: الإعراء أن يهب له ثمرة نخلة أو نخلتين أو نخلات، و منه الحديث: أنّه رخّص (عليه السلام) في بيع العرايا بخرصها تمرا [2]، و ذلك أن يمنح الرجل النخلة فيبيع ثمرتها بالتمر، و هذا لا يجوز في غير العرايا، و إنما سميت عريّة، لأنّ من جعلت له يعريها من حملها، و أنشد الفراء:
ليست بسنهاء و لا رجبيّة * * * و لكن عرايا في السّنين الحوائج
معنى سنهاء أي مرت عليها السّنون المجدبة، و قوله: «رجبيّة» نخلة مرجّبة، و هي التي يبنى حولها البناء لئلا تسقط، و هو كالتكريم لها.
و قال الهروي صاحب الغريبين: «العرايا هي أنّ من لا نخل له من ذوي اللحمة و الحاجة، و يفضل له من قوته التمر، و يدرك الرطب، و لا نقد بيده ليشتري به الرطب لعياله، و لا نخيل له، فيجيء إلى صاحب النخل فيقول: بعني ثمرة نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر، فيعطيه ذلك الفضل من التمر بثمر [3] تلك النخلات، ليصيب من أرطابها مع الناس» فرخص النبي صلّى اللّه عليه