اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 170
الترجيح عندنا ما ورد إلا بكثرة الشهود، فإن تساووا في العدد، فأعدلهما شهودا، و المراد بأعدلهما في هذه المواضع، أنّ البينتين جميعا شرائط العدالة فيهما، إلا أن إحداهما أكثر مواظبة على الأعمال الصالحات المندوبات، و إن كانت الأخرى غير مخلة بواجب، و لا مرتكبة لقبيح. و ليس المراد أنّ إحداهما فاسقة، و الأخرى عادلة، لأنّ لفظة افعل في لسان العرب، للمشاركة في الشيء، و الزيادة عليه، فمن ظنّ أنّ المراد بأعدلهما شهودا غير ما قلناه، فقد أخطأ خطأ فاحشا.
و بقديم الملك [1] على ما دللنا عليه، و لا ترجيح بغير ذلك عند أصحابنا، و القياس و الاستحسان و الاجتهاد باطل عندنا، فلم يبق إلا استعمال القرعة، لإجماعهم على أنّ كل أمر مشكل فيه القرعة، إلا أن يكون مع ذلك الآخر مرجح، من المرجحات المجمع عليها، و هي المقدّم ذكرها، من كثرة العدد، أو أعدلهما شهودا، أو بقديم الملك.
و لو قلنا: نرجّح بالسبب، إذا كان في يد ثالث، لكان قويا، و به أفتي، لأنّ فيه جمعا بين الأحاديث و الروايات، و عليه الإجماع، فإنّ المحصلين من الأصحاب، مجمعون عليه، قائلون به، و لأنّ السبب أولى من قديم الملك، و قد رجحنا بقديم الملك، لأنّ من شهد بالنتاج و البيع و الهبة، نفى أن يكون ملكا قبله لأحد، أعني النتاج، و كان أقوى، فليتأمّل ذلك.
فهذا تحقيق المسائل المختلفة، الموضوعة في الجزء الثالث من مسائل الخلاف، لشيخنا أبي جعفر [2] فإنّها مختلفة الألفاظ، و تحريرها ما ذكرناه.
و الذي اعتمده و اعتقده و أعمل عليه، بعد هذه التفاصيل جميعها أن لا ترجيح إلا بالعدد، و بالتفاضل في عدالة البينتين فحسب، دون الأسباب، و قدم