اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 160
فإن ذكر إعسارا، كشف عن حاله، فإن كان على ما قال، انظر و لم يحبس، و إن لم يكن كذلك، الزم الخروج إلى خصمه من حقه.
و متى بدأ الخصم باليمين، من غير أن يحلفه الحاكم، لم يبره ذلك من الدعوى، و كان متكلفا.
و إن أقرّ المدّعي عليه بما ادعاه خصمه، و قال: أريد أن تنظرني، حتى أتمحله، أي أكتسبه [1]، قال الحاكم لخصمه: فما عندك فيما يقول، فإن سكت و لم يجب بشيء، توقف عليه القاضي هنيهة، ثم قال له: قل ما عندك، فإن لم يقل شيئا، إقامة، و نظر في أمر غيره، و إن قال أنظره فذلك له، و إن أبى لم يكن للحاكم، أن يشفع إليه فيه، و لا يشير عليه بالإنظار.
و له أن يأمرهما بالصلح، و يشير بذلك، لقوله تعالى «وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ»[2] و ما هو خير، فللإنسان فعله بغير خلاف من محصّل.
و قد يشتبه هذا الموضع على كثير من المتفقهة، فيظن أنّه لا يجوز للحاكم أن يأمر بالصلح، و لا يشير به، و هذا خطأ من قائله، و شيخنا أبو جعفر في مبسوطة، قد أفصح عن ذلك، و حقّقه، و ذهب إليه، فقال: إذا ترافع إليه نفسان، و كان الحكم بينهما واضحا، لا إشكال فيه، لزمه أن يقضي بينهما و يستحب أن يأمرهما بالمصالحة، و إن كان حكمهما مشكلا أخره إلى البيان، و لا حدّ له غير ظهور الحكم و بيان الحق، و إن قدّمه لم يجز، لأن الحكم قبل البيان ظلم، و الحبس بالحكم بعد البيان ظلم، هذا آخر كلام شيخنا [3].
و إن قال: الدين عليّ، و أنا معسر، لا أقدر على قضائه، نظر في سبب الدين، فإن كان عن مال حصل في يديه، كالقرض، و الشراء، و الصلح، و الغصب، و نحو ذلك، لم يقبل قوله أيضا في الإعسار، لأنّ الأصل الغنى،