اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 103
و إلى هذا يذهب شيخنا في نهايته [1] و هو مذهب أصحابنا أجمع، و به تواترت أخبارهم.
و ذهب شيخنا في مسائل خلافه، إلى أن لقطة غير الحرم، يعرفها سنة، ثم هو مخيّر بعد السنة، بين ثلاثة أشياء، بين أن يحفظها على صاحبها، و بين أن يتصدّق بها عنه، و يكون ضامنا إن لم يرض صاحبها بذلك، و بين أن يتملّكها و يتصرف فيها، و عليه ضمانها إذا جاء صاحبها [2].
فهذا مذهب الشافعي و أبي حنيفة، اختاره هاهنا، لأنّ بينهما خلافا في لقطة الفقير و الغني، و الصحيح الحق اليقين، إجماع أصحابنا، على أنه بعد السنة يكون كسبيل ماله، أو يتصدق بها بشرط الضمان، و لم يقولوا هو بالخيار بعد السنة في حفظها على صاحبها.
و شيخنا أبو جعفر في الجزء الأوّل من مسائل خلافه، و مبسوطة، قال:
مسألة، إذا وجد نصابا من الأثمان، أو غيرها من المواشي، عرفها سنة، ثم هو كسبيل ماله و ملكه، فإذا حال بعد ذلك حول، و أحوال، لزمته زكاته، لأنّه مالك، و إن كان ضامنا له، و أمّا صاحبه فلا زكاة عليه، لأنّ مال الغائب الذي لا يتمكن منه، لا زكاة فيه، و قال الشافعي، إذا كان بعد سنة، هل يدخل في ملكه بغير اختياره؟ على قولين، أحدهما و هو المذهب، أنّه لا يملكها إلا باختياره، و الثاني يدخل بغير اختياره، فإذا قال لا يملكها إلا باختياره، فإذا ملكها، فإن كان من الأثمان، يجب مثلها في ذمته، و إن كان ماشية وجب قيمتها في ذمّته، فأمّا الزكاة، فإذا حال الحول من حين التقط، فلا زكاة فيها، لأنّه أمين، و أمّا صاحب المال، فله مال لا يعلم موضعه على قولين، مثل الغصب، و أمّا الحول الثاني، فإن لم يملكها، فهي أمانة أبدا في يده، و رب المال على قولين، مثل الضالة، و إذا ملكها الملتقط، و حال الحول، فهو كرجل له ألف، و عليه ألف، فإن قال: الدين يمنع، فهاهنا يمنع، و إن قال: الدّين لا يمنع، فهاهنا لا يمنع، إذا لم يكن له