أقول: كلّ ذلك على أساس المعيار الذي ذكرناه من انّ من بان له الأمر
فوطئ عالما بانّ عمله حرام يحكم عليه بالزنا و يحدّ و من أقدم على الوطئ مشتبها
عليه الأمر فلا يحدّ لعدم ثبوت الحرمة عليه شرعا. و عليه يتمّ ما افاده من انّ من
وجد على فراشه امرأة فوطئها زاعما انّها زوجته فإنّه لا حدّ عليه. و هكذا لو تشبّه
الرجل لها بحيث زعمت انه زوجها فلا حدّ على المرأة و انّما يحدّ الرجل و العكس
العكس فلو تشبّهت المرأة للرجل بحيث أيقن أنها زوجته فان عليها الحدّ لانّه لا
شبهة لها فإنّها قد تعمّدت و أقدمت على العمل عالمة بالحرمة بخلاف الرجل لانّه قد
أقدم للشبهة الطارية عليه فلا حدّ عليه. هذا هو مقتضى الأدلّة و القاعدة و ذلك
لانّ أحدهما زان دون الآخر.
نعم هنا رواية تدلّ على خلاف ذلك في الفرض الأخير و هي رواية أبي
الروح: انّ امرأة تشبّهت بامة لرجل و ذلك ليلا فواقعها و هو يرى انّها جاريته فرفع
الى عمر فأرسل الى علىّ عليه السّلام فقال: اضرب الرجل حدّا في السّرّ و اضرب
المرأة حدّا في العلانية [1].
______________________________
[1] وسائل الشيعة الجلد 18 الباب 38 من أبواب حدود الزنا الحديث 1،
و قال الشيخ الحرّ العاملي: حمله أكثر الأصحاب على شك الرجل أو ظنّه و تفريطه في
التأمّل و انّه حينئذ يعزّر لما تقدّم في تزويج امرأة لها زوج و غير ذلك و قد رواه
المفيد في المقنعة مرسلا نحوه، الّا انّه قال: فوطأها من غير تحرّز انتهى.
و قال المحقّق في نكت النهاية بعد التعرّض لخبر الأعمى: و كذا
القول في الرّواية عن أمير المؤمنين عليه السلام عن امرأة تشبّهت لرجل بجاريته و
اضطجعت على فراشه ليلا فظنّها جاريته فوطئها من غير تحرّز و رفع خبره إليه فأمر
بإقامة الحدّ على الرجل سرا و اقامة الحدّ على المرأة جهرا، و في هذا الخبر شيئان
كلّ واحد منهما يوجب الشبهة و هو انّها تشبّهت، الثاني انّه ظنّها جاريته ثم إذا
حكم عليه بأنّه زان لم حدّه سرّا؟
ثم قال: الجواب: أمّا الأعمى الى ان قال: و امّا الرواية المتضمّنة
إقامة الحدّ على الرجل سرّا فهي رواية أبي بشر عن ابى نوح انّ عمر أرسل في ذلك الى
على (ع) فقال له: اضرب المرأة حدّا في العلانية و الرجل حدّا في السرّ ذكرها الشيخ
في التهذيب، و الروايتان محمولتان و سمعنا من بعض فقهائنا انّه عليه السلام أراد
إيهام الحاضرين الأمر بإقامة الحدّ على الرجل سرّا و لم يقم عليه الحدّ