و امّا إذا رجعوا بعد الحكم ففي الجواهر انّه يختصّ الراجع بالحدّ
أخذا بإقراره.
و فيه انّه لا يصحّ ذلك على إطلاقه لأنّه لو كان ذلك خطأ فلا وجه
لحدّه لانّ المخطى ليس بمفرط و قد مرّ مرارا انّ ميزان الحدّ كونه مفرطا و لا
عقوبة على المخطئ مطلقا دنيويّة أو أخرويّة.
و امّا ثبوت الدية في القتل خطأ فهو جبران و تدارك لدم المسلم و ليس
هو من باب العقوبة، فلا بدّ من التقييد بما إذا كان قد تعمّد في الشهادة كذبا.
هذا.
لكن قال الشيخ فالخلاف: إذا شهد أربعة ثمّ رجع واحد منهم فلا حدّ على
المشهود عليه بلا خلاف و على الراجع الحدّ أيضا بلا خلاف و امّا الثلاثة فلا حدّ
عليهم، و للشافعي فيه قولان، المنصوص عليه مثل ما قلناه. و قال بعض أصحابه هذا
أيضا على قولين. و قال أبو حنيفة: عليهم الحدّ. دليلنا قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا
بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ. و هذا اتى بأربعة شهداء و رجوع واحد
منهم لا يؤثّر فيما ثبت. و أيضا الأصل برأيه الذّمة. فمن أوجب عليهم الحدّ فعليه
الدلالة[1].
أقول: يمكن ان يقال: لما ذا لا يجب الحدّ على المشهود عليه إذا كان
رجوع واحد منهم بعد الحكم، بعد ان حكم قدّس سرّه بأنّ الثلاثة لا حدّ عليهم؟
و قوله: و رجوع واحد منهم لا يؤثّر فيما ثبت، لا يخلو عن شيء لأنّه
إذا كان المطلب ثابتا بحيث انّ رجوع واحد منهم لا يؤثّر فيه فلما ذا لا يحدّ
المشهود عليه [1]؟
______________________________
[1] يمكن ان يقال: انّ المقام نظير ما تقدّم في مسئلة شهادة البعض
بالطوع و بعض آخر بالمطاوعة حيث قال العلّامة هناك بأنّه يثبت الزنا بحسب الشهادة
الّا انّ الشبهة تمنع عن اجراء الحدّ و قد ذكرت ذلك في مجلس الدرس لكن سيّدنا
الأستاد كان يرى هناك أيضا التّنافي بين الثبوت و بين الشبهة.