اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 6 صفحة : 388
قال السيد السند في المدارك: ثم ان المستفاد من الأدلة الشرعية سهولة الخطب في أمر القبلة و الاكتفاء في التوجه الى ما يصدق عليه عرفا انه جهة المسجد و ناحيته كما يدل عليه قوله تعالى «فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ»[1]
و قولهم (عليهم السلام): «ما بين المشرق و المغرب قبلة»
[3] و خلو الاخبار مما زاد على ذلك مع شدة الحاجة الى معرفة هذه العلامات لو كانت واجبة. و إحالتها على علم الهيئة مستبعد جدا لانه علم دقيق كثير المقدمات، و التكليف به لعامة الناس بعيد من قوانين الشرع، و تقليد اهله غير جائز لأنه لا يعلم إسلامهم فضلا عن عدالتهم، و بالجملة التكليف بذلك مما علم انتفاؤه ضرورة. و الله العالم بحقائق أحكامه.
(التاسع) [علامات القبلة]
- اعلم ان الأصحاب (رضوان الله عليهم) ذكروا لأكثر البلدان علامات تعرف بها قبلتها، و الظاهر ان ذلك كله أو أكثره مأخوذ من كلام علماء الهيئة الآخذين ذلك من الارصاد و معرفة البلاد طولا و عرضا، و قد عرفت ما في ذلك من الاشكال و انه لم يرد عنهم (عليهم السلام) في معرفة القبلة إلا ما قدمنا ذكره.
[علامة القبلة لأهل العراق]
ثم انهم (رضوان الله عليهم) قد ذكروا لأهل العراق علامات ثلاثا:
(الاولى)- جعل المشرق على المنكب الأيسر و المغرب على الأيمن
و قيد ذلك أكثر الأصحاب بالاعتداليين لعدم انضباط ما عداهما، و الظاهر- كما صرح به بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين- انه لا حاجة الى هذا التقييد حيث قال إطلاق القوم المشرق و المغرب لا قصور فيه و تقييد بعض مشايخنا غير محتاج اليه بل هو مقلل للفائدة، و ما ظنوه من ان الإطلاق مقتض للاختلاف الفاحش في الجهة ليس كذلك لان مراد القدماء أن العراقي يجعل مغرب اي يوم شاء على يمينه و مشرق ذلك اليوم بعينه على يساره، و هذا لا يقتضي الاختلاف الذي زعموه و هو عام في كل الأوقات لكل المكلفين، بخلاف القيد الذي ذكروه فإنه يقتضي ان لا تكون العلامة موضوعة