اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 5 صفحة : 479
أحد المجازين دليل، و الإطلاق الواقع في الخبر يدل بظاهره على الاكتفاء بأقل ما يتحقق معه الاسم فيحتاج إثبات الزائد عليه الى دليل.
و يمكن دفعه بان يقال ان التراب الممتزج و ان لم يسم غسلا حقيقة إلا أنه أقرب الى حقيقة الغسل من الدلك بالتراب وحده و مع تعذر الحقيقة يصار إلى أقرب المجازات إلا انه ربما تطرق القدح ايضا الى هذا الوجه بأنه على تقدير المزج يلزم ارتكاب تجوزين (أحدهما) في الغسل كما اعترف به، و (ثانيهما) في التراب فان الممزوج بالماء على وجه يحصل فيه الجريان لا يسمى ترابا كما تقدم في كلام المحقق الشيخ علي، و اما على الوجه الآخر و هو الغسل بالتراب وحده فإنما يلزم ارتكاب مجاز واحد في لفظ الغسل.
و ربما بنى الكلام في المقام على معنى الباء في قوله (عليه السلام) «بالتراب» فان حملناها علي الاستعانة كما في قولهم «كتبت بالقلم» و الظرف حينئذ لغو و متعلقة خاص مذكور تعين التجوز في لفظ الغسل بإرادة الدلك منه بنوع من العلاقة و كان الخبر واضح الدلالة على القول المشهور، و ان حملناها على المصاحبة كما في قولهم «دخلت عليه بثياب السفر» فالظرف على هذا التقدير حال من الغسل المدلول عليه بالأمر و هو حينئذ مستقر لكون متعلقة امرا عاما واجب الحذف و هو الكون و الاستقرار كما قرر في محله من الكتب النحوية، و على هذا فلا حاجة الى التجوز في الغسل بل يبقى على حقيقته إلا انه يحتاج الكلام الى تقدير متعلق الجار و يصير حاصل الكلام و اغسله حال كون الغسل كائنا بمصاحبة التراب، و ليس في هذا الوجه ما ربما يستبعد به إلا تقدير متعلق الجار و هو و ان كان خلاف الأصل إلا ان مقتضى القواعد النحوية ذلك، و بهذا الوجه يكون الخبر حجة لابن إدريس و من قال بمقالته و ربما رجح ايضا بقلة استعمال الغسل في الدلك بالتراب و بعده عن الفهم و ليس الإضمار لمتعلق الجار بهذه المثابة بل هو شائع الاستعمال.
و بالجملة فالمسألة لا تخلو من الاشكال لما عرفت و الاحتياط بالتراب وحده و التراب الممزوج مما لا ينبغي تركه.
اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 5 صفحة : 479