اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 22 صفحة : 330
بالتعويض بين أن يكون قد شرط التعويض في العقد، أو وقع بعده بأن وقع العقد مطلقا، الا أنه بذل له العوض بعد ذلك و أعطاه إياه، لكنهم صرحوا بأنه لا يحصل التعويض بمجرد البذل، بل لا بد من قبول الواهب له، و كون البذل عوضا عن الموهوب قالوا: لأنه بمنزلة هبة جديدة، و لا يجب عليه قبولها.
بقي الكلام هنا في أنه لو وهب و أطلق هل يقتضي التعويض أم لا؟ المشهور الثاني، و قال الشيخ في الخلاف و المبسوط: الهبة على ثلاثة أقسام، هبة لمن فوقه، و هبة لمن دونه، و هبة لمن هو مثله، و كلها يقتضي الثواب عندنا، و مقتضاه أنه بالهبة يجب على المتهب بذل العوض، و يلزم و ان لم يطلبه الواهب، و لا قائل به سواه، الا أن أبا الصلاح وافقه في هبة الأدنى للأعلى، فقال: انها يقتضي الثواب فيعوض عنها بمثلها، و لا يجوز التصرف في الهبة ما لم يعوض عنها، لاقتضاء العرف ذلك.
و رد كل من القولين المذكورين بأن الأصل و العمومات يقتضي خلافه، و ربما حمل كلام الشيخ على جواز الرجوع في الهبة ما لم يثب، كما لو شرط فيها فيكون المراد أن لزومها انما يتحقق به، و الى هذا يميل كلام العلامة في المختلف في مقام الرد على ابن إدريس انتصارا للشيخ و الحق بعده.
و بالجملة فإن الحكم مع الإطلاق كما هو المشهور هو أن الهبة جائزة من جهة الواهب إلا أن يحصل التعويض بما يتفقان عليه، و مع الاختلاف يرجع الى مثل الموهوب أو قيمته، و لا خلاف في أنه لو شرط الثواب صح، أطلق أو عين، و له الرجوع ما لم يدفع اليه ما شرط، و يدل عليه الخبر السادس [1] فإنه دال على حكم المشروطة بالثواب مطلقا، أو معينا، و أن للواهب الرجوع إذا لم يف المتهب بالشرط، و أنه ليس للمتهب مع الشرط التصرف في الجارية حتى يفي بشرطه، و فيه دلالة على تخير المتهب بين الوفاء بالشرط، لتلزم الهبة، و يجوز له التصرف، و بين رد الهبة كما هو أحد القولين، و هو منقول عن الشهيد في الدروس