اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 20 صفحة : 363
كان، و حيث إن السفه هو ما يقابل الرشد كما عرفت، فإنه يكون شرطا في الحجر حيثما كان، و أينما كان السفه هو المقتضى للحجر بالتقريب المذكور، كان الحجر بمجرد حصول السفه و لو لم يتحقق الحجر به لم يكن مقتضيا، و قد عرفت أنه مقتض، و هذا خلف.
و حينئذ فلا وجه للتوقف على حكم الحاكم، و ما استدل به من الأدلة التي أطال بها فغايتها ان يكون مطلقة دالة على ما ذكره بإطلاقها، و ما استدلنا به خاص، فيجب تقديمه كما هو القاعدة، و تخصيص تلك العمومات به، و أما تأيده بالإجماع على المفلس، ففيه أن ثبوت الحكم هناك بدليل لا يستلزم إجراءه فيما لا دليل عليه، بل الدليل على خلافه كما عرفت.
و أما تأيده بالشريعة السهلة و ان غالب الناس مجهول الحال أو معلوم السفاهة، ففيه أنه يجب المنع من معاملة معلوم السفاهة إجماعا، و أما مجهول الحال و هو الأغلب في الناس فلا مانع منه إذ المقتضي للمنع كما عرفت هو وجود السفاهة و الأصل عدمها حتى تثبت، فعده مجهول السفاهة في قرن معلوم السفاهة غلط محض، و بالجملة فالظاهر ان كلامه (قدس سره) في هذا المقام لا يخلو من مجازفة و مسامحة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن في المسألة قولين آخرين أحدهما عدم توقف ثبوته على حكم الحاكم، و توقف زواله عليه، و هو مذهب الشهيد في اللمعة، و علل الأول بأن المقتضي له هو السفه، فيجب تحققه بتحققه، و لظاهر قوله عز و جل [1]«فَإِنْ كٰانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً» حيث أثبت الولاية عليه بمجرد السفه.
و علل الثاني بأن زوال السفه يفتقر الى الاجتهاد و قيام الأمارات، لأنه أمر خفي فيناط بنظر الحاكم، و لا يخفى ما في الأخير من الضعف، و عدم صلوحه لتأسيس حكم شرعي.
و ثانيهما عكسه، قال في المسالك: قيل ان به قائلا و لا نعلمه. نعم في التحرير جزم بتوقف الثبوت على حكمه، و توقف في الزوال بحكمه: انتهى.