اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 12 صفحة : 191
(و أما ثانيا) فإنه ليس الفقر إلا عدم ملك مئونة السنة و هذا لا يستلزم الحاجة إلى الزكاة في الحاضر و إن كان من أهلها باعتبار فقره و إنما يحتاج إليها لإتمام مئونة السنة، و مع فرض احتياجه إلى الزكاة كما ادعوه فهو لا يصلح مستندا لما ذكروه.
و بالجملة فكلامهم في المقام لما كان غير مبني على خبر و لا دليل شرعي و إنما هو مجرد اعتبارات و تخريجات فالباب في ذلك واسع، و أنت إذا رجعت إلى الأخبار التي ذكرناها لا ترتاب في صحة ما ذكرناه و ظهوره منها كما بيناه.
و
ثانيها [هل يعتبر في إعطاء الغارم من الزكاة عدم صرف الدين في المعصية؟]
- إن ظاهر كلمة الأصحاب الاتفاق على اشتراط الأداء عن الغارمين بأن لا يكون ما استدانوه في معصية و الأخبار المتقدمة صريحة في ذلك كما عرفت، و بعضها و إن كان مطلقا لكن يجب حمله على مقيدها. و بذلك يظهر لك ما في مناقشة السيد السند في المدارك و من اقتفاه كالفاضل الخراساني في الذخيرة.
قال في المدارك: و اشترط الأصحاب في جواز الدفع إلى الغارم أن لا يكون استدانته في معصية، و استدلوا عليه بأن في قضاء دين المعصية حملا للغريم على المعصية و هو قبيح عقلا فلا يكون متعبدا به شرعا،
و بما روي عن الرضا (عليه السلام)[1] أنه قال: «يقضى ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة اللّٰه عز و جل و إذا كان أنفقه في معصية اللّٰه فلا شيء له على الإمام».
و يمكن المناقشة في الأول بأن إعانة المستدين في المعصية إنما تقبح مع عدم التوبة لا مطلقا، و في الرواية بالطعن في السند فإنا لم نقف عليها مسندة في شيء من الأصول، و من ثم ذهب المصنف في المعتبر إلى جواز إعطائه مع التوبة من سهم الغارمين و هو حسن. انتهى.
أقول: بل الدليل على ما ذكره الأصحاب إنما هو هذه الأخبار الواضحة الدلالة على ذلك و لكنه معذور حيث لم يقف عليها كما يفصح عنه إنكاره لوجود هذه الرواية عن الرضا (عليه السلام) في شيء من الأصول و هي في كتاب الكافي لكنها حيث