اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 11 صفحة : 135
جمعا بينهما و بين ما دل على عدم التحريم
كصحيحة على بن يقطين عن الكاظم (عليه السلام)[1]«في الرجل يصلى خلف من يقتدى به و يجهر بالقراءة فلا يسمع القراءة؟ فقال لا بأس ان صمت و ان قرأ».
انتهى.
أقول: لا يخفى ما في هذا الاستدلال من الاختلال الذي لا يخفى على سائر الناظرين في هذا المقال فضلا عن ذوي الكمال، و ذلك فإن الآية المذكورة و الخبر العامي الذي بعدها صريحان في وجوب الإنصات في الجهرية، و الخبر الذي نقله عن الصادق (عليه السلام) صريح في النهي الذي مفاده التحريم عن القراءة خلف من ارتضى قراءته جهرية كانت الصلاة أو إخفاتية. و خبر على بن يقطين إنما دل على التخيير بين السكوت و القراءة في صورة ما لو كانت الصلاة جهرية و لم يسمع المأموم القراءة و هو أخص من المدعى، و أنت خبير بان محل الخلاف و الإشكال إنما هو في ما عدا هذه الصورة، و حينئذ فأين الدليل على الكراهة في صورة سماع القراءة و لو همهمة في الجهرية و كذا في الصلاة الإخفاتية كما يدعونه؟
ثم انظر الى اقتصاره (رضى الله عنه) على ما نقله من هذه الرواية العامية و هذا الخبر المجمل الذي بعدها و روايات المسألة كما نقلناها مستفيضة عديدة و لم يرجعوا إليها و لم يتأملوا فيها، و من هنا يعلم ان منشأ هذا الاختلاف و كثرة هذا الخلاف انما هو من حيث عدم تتبع الأخبار و التأمل فيها بعين الفكر و الاعتبار و إلا فمن أعطى التأمل فيها حقه فإنه لا يخفى عليه صحة ما ذكرناه و وضوح ما أوضحناه و أعجب من ذلك انهم أدخلوا حكم الأخيرتين للمأموم في هذا الاختلاف و نظموه في سلك هذا الخلاف، و قد أوضحنا ما فيه في الفصل الثامن [2] من فصول الباب الثاني في الصلوات اليومية و ما يلحق بها فليرجع اليه من أحب تحقيق الحال و إزاحة الاشكال. و الله العالم.