معتبراً في تحقّق الامتثال . نعم قد يكون الأداء موقوفاً على الامتثال فحينئذ لا يحصل الأداء أيضاً ، كما لو نذر أن يتوضّأ لغاية معينة فتوضّأ ولم يقصدها ، فانّه لا يكون ممتثلاً للأمر النذري ولا يكون أداء للمأمور به بالأمر النذري أيضاً وإن كان وضوءه صحيحاً ، لأن أداءه فرع قصده . نعم هو أداء للمأمور به بالأمر الوضوئي [1] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضافاً إلى أن نيّة الوجوب والاستحباب مما لا اعتبار به كما مر ، وهذا المبنى أعني كون عبادية الوضوء ناشئة عن أمره الغيري وإن كان فاسداً بل لا أمر غـيري أصلاً لما بيّناه في بحث مقدّمة الواجب من انكار وجوبها شرعاً ، إلاّ أنه بناء عليه لا يعتبر في صحة الطهارات الثلاث قصد الغاية المعينة كما تقدّم .
الفارق بين الوجوب الغيري والوجوب النذري :
[1] أراد بذلك بيان الفارق بين الوجوب الغيري والوجـوب الناشئ من النذر حيث إنه إذا أتى بذات الوضوء مضافة بها إلى الله سبحانه فقد حصلت العبادة ، وكان هذا أداء للمقدّمة والواجب الغيري ، وإن لم يكن امتثالاً له بناء على ما هو الصحيح من أن عبادية الوضوء ناشئة عن أمره النفسي .
وهذا بخلاف ما إذا نذر أن يأتي بالوضوء لغاية خاصة كالقراءة ، لأنه إذا أتى به غير قاصد لتلك الغاية المعينة لم يتحقق أداء الأمر النذري ولا امتثاله ، والوجه في ذلك كما أسلفناه سابقاً أن النذر قد تعلق بحصة خاصة من الوضوء وهو الوضوء المقيد بكونه للقراءة مثلاً دون طبيعي الوضوء ، فالمنذور شيء مقيد وأمر خاص ، فاذا أتى به لا لهذه الغاية لم يتحقق منه الوضوء المقيد بكونه للقراءة ومعه لا أداء ولا امتثال .
نعم ، يكفي هذا في تحقق المقدمة وهو أداء للمأمور به بالأمر الغيري ، وأما بالاضافة إلى الأمر النذري فليس باداء ولا بامتثال ، ونظيره ما إذا نذر أن يأتي بصلاة الظهر في المسجد وأتى بها في داره ، لأنه وإن كان أداء للأمر الصلاتي لعدم تقييده بمكان خاص