إلى الآخر هذا إذا لو حظ العمل المستأجر عليه ، وأما إذا لوحظ أثره فيما كان له أثر حاصل في ملك المستأجر الثاني فعلى فرض اعتباره موجودا يكون للمستأجر الأول دون الأجير ، وعلى فرض اعتباره تالفا لامتناع وصوله إلى مالكه فهو تالف عند المستأجر الثاني باتلاف الأجير ، والاتلاف والتلف كالايجاد والوجود متحدان بالذات لا تعدد بينهما ولا تقدم ولا تأخر ، فلا مقتضي لاستقرار الضمان على المستأجر الثاني بالخصوص حتى يرجع إليه الأجير ، وعليه فعدم استحقاق الأجير للرجوع قوي جدا فتدبر جيدا . ( السابع ) إذا عمل الأجير تبرعا لغير المستأجر ، فتارة يبحث فيه عن رجوع المستأجر إلى الأجير والمتبرع له ، وأخرى في رجوع المتبرع له على الأجير إذا رجع إليه المستأجر ، وثالثة في رجوع المتبرع إلى المتبرع له إذا رجع إليه المستأجر . أما الأول : فالوجه في الرجوع إلى الأجير ما تقدم من أنه متلف بذلك المعنى المتقدم الذي لا ينافي تسليم العمل إلى الغير ، وأما الرجوع إلى المتبرع له فإن كان مدرك الضمان قاعدة " ما يضمن بصحيحة يضمن بفاسده " [1] فلا ضمان ، حيث إنه ليس في صحيح التبرع ضمان ، وبعبارة أخرى ليس هناك عقد معاوضي حتى يكون فاسده كصحيحه موجبا للضمان ، ومنه يعلم أن المدرك إن كان قاعدة الاقدام فلا ضمان أيضا ، حيث لا إقدام من المتبرع له على بذل العوض في قبال العمل لفرض المجانية . وأما بناء على ما هو التحقيق من عدم العبرة بالقاعدتين بل باليد والاتلاف والاحترام فلا ينبغي التوقف في ضمان التبرع له ، لأنه تسلم مال الغير ، والمفروض أن مال المسلم محترم لا يذهب هدرا ، فلا فرق في موجب الضمان هنا بين سبق عقد الإجارة الفاسدة وعدمه . وأما الثاني : وهو رجوع المتبرع له على الأجير فمدركه قاعدة الغرور ، فالأجير والمتبرع له وإن تساويا في موجب الضمان للمستأجر كما مر من دون سبق ولحوق