اسم الکتاب : تهذيب الوصول إلى علم الأصول المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 9
يأبى التوقف و الجمود. كبير الهمّة، بعيد النظر، شديد المثابرة، لم يفرّط بفرصة من فرص حياته. رجل عرف أنّ ثمن بدنه الجنة فلم يبخسها ثمنها، و عرف طريق الخلود في الحياة فسلكه و نجح فيه أيّما نجاح.
(العلّامة الحلّي) اسم، بل صفة و منصب، تعني الدعم الغيبي و التوفيق الإلهي.
و منزلة يتمنّاها و يتلهّف إليها بل إلى بعض أبعادها أكابر الفقهاء، فهذا الفقيه المعظم الشيخ صاحب الجواهر- على ما اوتي من التوفيق و العظمة- يقول عند ذكر العلّامة:
«رزقنا اللّه رشحة من رشحات فضله». و هؤلاء المشتغلون يلوذون بالتوسّل بروحه إذا صعب عليهم الورود و تعسر المنهل و استغلق الفهم، فهذا يهدي إلى روحه ثواب قراءة الفاتحة، و آخر يعقد جلسة بحثه في الحجرة التي تضمّ رمسه. تلك الحجرة لا تغيب عن خاطري. و كيف تغيب و هي من ذكريات صباي و مرافقتي لأبي الذي كان يأخذ تلاميذه إليها و يعقد مجلس درسه فيها، و يقرأ الفاتحة و يأمرني و إياهم بقراءتها و إهدائها إلى روح العلّامة، تلك الحجرة المنيرة التي تعلوها إحدى مئذنتي الحرم العلوي الشريف. أعادنا اللّه تعالى إلى التشرّف بزيارته و جواره.
(العلّامة الحلّي) اسم، بل رتبة علمية يتطلّع إليها الأكابر و يرنو إليها طرف كل سائر. فقد سما في الشموخ حتى أتعب من بعده، و تألّق في سماء المعارف الإلهية حتى وصل إلى منزلة إطراء السيد بحر العلوم بقوله: «علّامة العالم، و فخر نوع بني آدم، أعظم العلماء شأنا، و أعلاهم برهانا، سحاب الفضل الهاطل، و بحر العلم الذي ليس له ساحل، جمع من العلوم ما تفرّق في جميع الناس، و أحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس، مروّج المذهب و الشريعة في المائة السابعة، و رئيس علماء الشيعة من غير مدافعة. صنّف في كل علم كتبا، و آتاه اللّه من كل شيء سببا. أمّا الفقه فهو أبو عذرته و خوّاض بحره ... و أمّا الاصول و الرجال فإليه فيهما تشدّ الرحال و به تبلغ الآمال و هو ابن بجدتها و مالك أزمّتها ... و أمّا المنطق و الكلام فهو الشيخ الرئيس فيها و الإمام»
اسم الکتاب : تهذيب الوصول إلى علم الأصول المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 9