اسم الکتاب : كمال الدين و تمام النعمة المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 0 صفحة : 6
المؤلّف و موجز من حياته
هو الشيخ الأجلّ أبو
جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ المشتهر بالصدوق. أحد أعلام
الإماميّة الاثنى عشريّة في القرن الرّابع، عين أعيان الطائفة.
منار الحقّ و الدّين،
نادرة الدّهر، إمام من تأخّر عنه، الّذي ضاق نطاق الوصف عن التبسّط في شخصيّته، و
كلّ ألسنة الأقلام دون وصفه، قد أصفقت الأمّة المسلمة على تقدّمه و علوّ رتبته.
ولد- رحمه اللّه- بدعاء
الصاحب عجّل اللّه تعالى فرجه و صدر فيه من ناحيته المقدّسة بأنّه «فقيه خيّر
مبارك»[1]، فما فاهت به
الأشداق أو حبّرته الأقلام بعد هذا التوقيع فهو دون شأنه و عظمته، عمّت بركته
الأنام و انتفع بكتبه و تآليفه الخاصّ و العام، ضع يدك على كلّ مأثرة من مآثر
العلم و العمل تجده شاهد صدق على سموّ مقامه و مكانته، و من سبر غور الكتب و معاجم
التراجم يجده إماما لمن تاخّر عنه لفضله الكثار و علمه الغزير. أمّا الفقه فهو
حامل رايته، و أمّا الحديث فهو إمام روايته و درايته، و أمّا الكلام فهو ابن
بجدته.
جمع- قدّس سرّه- مع
غزارة العلم، و كمال العقل، و جودة الفهم، و شدّة الحفظ، و حسن الذّكاء علوّ
الهمّة، فسافر من مسقط رأسه إلى بلاد اللّه العريضة لأخذ الحديث و مشافهة المشايخ،
و زيارة قبور الأئمّة، و ترويج المذهب. فرحل إلى الرّيّ و استرآباد، و جرجان، و
نيشابور، و مرو الرّوذ، و سمرقند، و فرغانة، و بلخ، و همدان و بغداد، و فيد و
مكّة، و المدينة.
ثمّ اعلم أنّ للرّحلات
فوائد عظيمة و هي أقرب الطرق إلى تثقيف العقل و النبوغ في العلم، سوى ما فيها من
ترويج العلم و تشييد المذهب و نشر الحقائق، و لو لا رجال من الأمّة يرحلون، فيردون
مناهل العلم ثمّ يصدرون لبقي كثير من الأمم في بيئة الضلالة و الجهل، و سذاجة
الفكر و