قال ايوب صلوات الله عليه : وعزّة ربي
إنّه ليعلم أنّي ما أكلت طعاماً قط إلا ومعي يتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي
أمران كلاهما طاعة إلاّ أخذت بأشدّهما على بدني ، فقال الشّاب : سوءة لكم عمدتم
إلى نبيّ الله ، فعنفتموه حتّى أظهر من عبادة ربّه ما كان يسرّه ، فعند ذلك دعا
ربّه وقال : « رب إنّي مسّني الشيطان بنصب وعذاب » [١].
وقال : قيل لأيّوب صلوات الله عليه
بعدما عافاه الله تعالى : أيّ شيء أشدّ ممّا مرّ عليك؟ قال : شماتة الاعداء [٢].
فصل ـ ١ ـ
١٥٠ ـ وباسناده عن هشام بن سالم ، عن
أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : أمطر الله على أيوب من السماء فراشا من ذهب ،
فجعل أيوب صلوات الله عليه يأخذ ما كان خارجاً من داره فيدخله داره ، فقال جبرئيل عليهالسلام : أما تشبع يا أيّوب؟ قال : ومن يشبع
من فضل ربّه [٣].
١٥١ ـ وبالاسناد المتقدم عن وهب بن
منبّه : انّ أيّوب كان في زمن يعقوب بن إسحاق صلوات الله عليهم ، وكان صهراً له ،
تحته ابنة يعقوب يقال لها : إليا ، وكان أبوه ممّن آمن بإبراهيم صلوات الله عليه ،
وكانت أم أيّوب ابنة لوط ، وكان لوط جدّ أيّوب صلوات الله وسلامه عليهما أبا أمّه.
ولما استحكم البلاء على أيوب من كل وجه
صبرت عليه امرأته ، فحسدها إبليس على ملازمتها بالخدمة ، وكانت بنت يعقوب ، فقال
لها : ألست اُخت يوسف الصّديق؟ قالت : بلى ، قال : فما هذا الجهد وهذه البليّة
التي أراكم فيها؟ قالت : هو الّذي فعل بنا ليأجرنا بفضله علينا ، لأنّه أعطاء
بفضله منعماً ثم أخذه ليبتلينا ، فهل رأيت منعما أفضل منه؟ فعلى إعطائه نشكره ،
وعلى ابتلائه نحمده ، فقد جعل لنا الحسنيين كلتيهما ، فابتلاه ليرى صبرنا ، ولا
نجد على الصّبر قوّة إلاّ بمعونته وتوفيقه ، فله الحمد والمنّة على ما أولانا
وابلانا ،