اسم الکتاب : نظام المضاربه في الشريعه الاسلاميه الغراء المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 4
الربا، فصاحب المال و العامل ینتفعان بعقد المضاربة من الربح الذی یستحصله العامل، فهذا ینتفع بعمله، و ذاک برأس ماله الذی هو أیضا عمل مضغوط، کما أنّ ما یقوم به العامل عمل مبسّط، فما ربما ینقل عن بعض المخدوعین من أنّه لا دور لرأس المال و إنّما الدور کلّه للعمل، غفلة عن واقع المال، فإنّ صاحبه ربّما ناله عن طریق العمل شیئا فشیئا حتی بلغ إلی الحالة التی یستعین به العامل فی تجارته، و لو علم الناس ما فی المضاربة من الخیر و البرکة لضربوا عن الربا صفحا. و المضاربة هو المصداق الواضح لقول الإمام أمیر المؤمنین- علیه السلام-: «شارکوا الذی قد أقبل علیه الرزق، فإنّه أخلق للغنی، و أجدر بإقبال الحظّ»[1]. قد کانت الجزیرة العربیة، فی أغلب المناطق ذات أرض قاحلة و لم یکن للزراعة فیها نشاط بارز، و کان للتجارة هناک دور هامّ خصوصا فی أمّ القری و أطرافها و کانت هی الشغل المهم لسکان هذه المنطقة. یقول الإمام الصادق- علیه السلام-: «کان للعباس مال مضاربة، فکان یشترط أن لا یرکبوا بحرا و لا ینزلوا وادیا، فإن فعلتم فأنتم ضامنون، فأبلغ ذلک رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فأجاز شرطه علیهم»[2]. و قد ضاربت السیدة خدیجة- رضی اللّه عنها-، رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و ضمّت إلیه غلامه «میسرة» لیخدمه فی الطریق و یعینه فی العمل، فرجع رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من سفره إلی الشام بربح وافر، و اشتری لها أجناسا کانت الرغبة إلیها فی مکّة شدیدة، فأدّی ذلک- و ما رأت السیدة خدیجة منه من مدیریّة فائقة و أمانة محمودة- إلی الخطبة و الزواج کما هو مذکور فی التاریخ[3]. [1]- الوسائل: 13، الباب 7 من أبواب الشرکة، الحدیث 1. [2]- الوسائل: 13، الباب 1 من أبواب کتاب المضاربة، الحدیث 12. [3]- السیرة النبویة لابن هشام: 1/ 199. و لم یکن النبیّ أجیرا قطّ بل کان مضاربا.
اسم الکتاب : نظام المضاربه في الشريعه الاسلاميه الغراء المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 4