بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أحمدك اللّهمّ على ما طهّرتنا من دنس الإشراك و فضّلتنا بعبادتك على ملإ الأفلاك مسترشدا إليك عما أضلت العقول و مستهديا منك في تفريع الأصول لنتحذى حذو ما أمرت و ننتحي نحو ما أردت و أصلّي و أسلّم على من أحيا موات القلوب بحكم الشافية و نقاها عن صفات العيوب بكلمة الوافية و رفع عن فطرتها الرذائل و ألبسها العافية و دفع عن نيتها الزلازل بوقايته الكافية فلم يزل صلى اللّه عليه و آله في تفجير صلودها و مبالغا في تخضير عودها حتى اعشوشب قفارها بالخشوع و احلولت ثمارها بالخضوع و استولت على أرجائها القنوع و اشتكلت بهيئة الإيمان و اشتملت على الحكمة و البرهان و امتثلت ما اقتضاه القرآن و اختزل عز جنانها الشّيطان و صار الملك يومئذ للّه الواحد المنّان و على آله الّذين أفصحوا عن مراده و دلّوا على صراطه خلفائه على الأمة و أمنائه على الملّة و السّنّة مناهج الحق و مسالك اليقين و مالكي الدّين أئمة الخلائق و كلّ شيء أحصيناه في إمام مبين صلاة كثيرة لا يحصيها العادّون و لا يبلغ غايتها المجتهدون ما اختلف اللّيل و النّهار و اعترف الربيع بالأزهار فإنّ العلم نور أشرقت له السّماوات و انكشفت به الظّلمات و صلح عليه أمر المخلوقات و هو المنهج الأشم و الاسم الأعظم و الترياق الأكبر و الكبريت الأحمر و الذّروة العليا و الجنّة المأوى و المدينة الّتي أنفت بالعلاء أركانها و الخطيرة الّتي شرفت بالسّناء جدرانها و كلمة اللّه الّتي لو كان البحر مدادا لنفد البحر قبل ما يعتريها النفاد و حكمة اللّه الّتي أوتي خيرا كثيرا من أوتيها من العباد و هو السّراج الوهّاج و الماء الثجاج و فضل اللّه و رحمته و صراط الحق و عصمته و المدّة في الحياة و العدّة بعد الممات و المنهاج الواضح المسالك و الدّليل إذا عميت المهالك و به يقترب القاصي و ينتدب العاصي و تملك النواصي و تستخلص الصّياصي فلعمري أنّه الفضل الّذي لا يجحد و الشرف الّذي لا يحد و الرّتبة الّتي لا ينالها إلا من اختاره اللّه و قدّمه أو الّذي اصطفاه و ولاه و حكمه أكرم به من أسماء علّمها آدم عليه السلام و أعظم به من أسرار جرت في ولده إلى خاتم خصّ بالتّحية و الإكرام فاستودعها صلى الله عليه و آله أطائب عترته و استأمن عليها أكارم أرومته تشييد القواعد الدّين و تمهيد الأساس اليقين و حفظا لحوزة المؤمنين و ردعا لبادرة الكافرين فمن تداركه فضل من الرّحمن اعترف من فضالتهم و من أدركه عون من الدّنان اقتبس جذوة من نبالتهم فإذا العلماء معادن الحكمة و تراجمة الأوحاء و أسفاط الفضيلة و مستودع الأنباء احتجّ اللّه بهم على العباد في دار الدّنيا و يوم التناد فقاموا بما استحفظوا كثر اللّه أمثالهم خير القيام و قعدوا في تدوينه شكر اللّه سعيهم عن طيب المأكل و المنام و صبروا في نشره على الأذى و الآلام و حسروا عن ذراع الهمة لتمكين الخلائق في الحلال و الحرام فتناولوه يدا عن يد و تداولوه واحدا بعد أحد فلم يزل ذلك دأبهم من قديم الزّمان و ديدنهم في كل وقت و آن حتّى انتهى الفضل إلى خاتمة المجتهدين و انحصر العلم في رائس الملّة و الدّين مرجع العلماء المحققين و فخر الفقهاء المتبحّرين معقل الأنام و كهف المسلمين و الإسلام الكاشف بسنا أنواره غياهب الظّلام عن وجوه الأحكام طود التّقى بحر النهى ملاذ الورى علم الهدى مرتضى المصطفى مصطفى المرتضى مولى العصابة و عند الباري المهاجر إلى الحق مرتضى الأنصاري أجزل اللّه في الدارين مثوبته و رفع في العلّيّين فارتقى في العلم مرتقى لم يسبقه الأوّلون و احتوى في الفضل رتبة ما أدركه الآخرون و فاز بمقام يغبطه العالمون فشخصت إليه الأبصار و رنت لديه الأنظار و مدّت نحوه الأعناق و ألمّت عنده الآفاق و أنيخت بفنائه الركاب و أحدقوا به من كلّ باب روما للاغتراف من لجج بحاره و ميلا للالتقاط من درر نثاره و طمعا في الاستنارة بتألّق أنواره و حرصا على الثناء آثاره فامتلى كلّ إناء قدر ما وعاه و حكى كلّ زجاجة ما حاذاه ربّيّون كثير ما وهنوا عن تناوش جداه و حيث إن حكيم الفقهاء الرّبانيّين و فقيه الحكماء الإلهيّين وحيد عصره و زمانه و فريد دهره و أوانه علامة العلماء و المجتهدين و كشّاف حقائق العلوم بالبراهين صاحب المفاخر و المكارم الحاج ميرزا أبو القاسم النوري الرّازي قدس اللّه تربته و أعلى في الجنان رتبته كان الّذي اقتطفه من تلك الشجرة أحلاها و ما التقطه من تلك الثمرة أزكاها و ما استظهره من الحقائق أحلاها و ما استبطنه من الدقائق أنقاها مشتملا على فوائد نفعها أعمّ و محتويا لزوائد فيضها أتمّ تاقت نفوس الطالبين إلى مناله و راقت عيون المشتغلين رؤية مثاله فذهبت عليه نفسهم حسرات و طلبت نسخته من كل حاجز و آت فاعتنى لطبع هذا الكتاب المستطاب المسمّى بمطارح الأنظار إعانة على البرّ و اكتسابا للصّواب بعض من وفقه اللّه لمراضيه و جعل مستقبل أيّامه خيرا من ماضيه عمدة الأخيار و زبدة التجّار المبرّأ من كل شين الآقا ميرزا محمّد حسين النوري أدام اللّه عزه و إقباله فبحمد اللّه و المنّة خرج كتابا يسير في الأيدي مسير الصّبا في الأمصار و صلّى اللّه على محمّد و آله الأطهار