و
تحدثها «كفايته» و علم بما سيعانيه دارسوها و مدرّسوها، لما اختصرها و لا اختزلها،
و لكتبها موسّعة مسهبة، كاشفاً عن قناعها؛ فإنّ طلسمة كتاب دراسي أمر مرغوب عنه عند
مربّي الأجيال.
و
ثانيهما: التيّار الداعي إلى الحدّ من وضع المصطلحات الجديدة، و إلى بيان
جميع المقدّمات الدخيلة في فهم المطالب الاصولية. و هذا لا يعني الدعوة إلى
الإطناب المملّ و لا الإيجاز المخلّ، كما هو واضح. و تعدّ مدرسة المحقّق النائيني
رحمه الله خير مثال لهذا التيّار البليغ؛ حيث تظهر روح مطالبها مجسّدة بقالب من
الألفاظ الفصيحة البليغة.
و
مع كلّ المزايا التي تجلّت في مدرستي العلّامتين الخراساني و النائيني رحمهما الله
فقد انطوتا في بعض مواضعهما على الخلط بين التكوين و التشريع، و الوحدة الحقيقية و
الوحدة الاعتبارية، و على عدم الوصول إلى مغزى بعض المسائل الفلسفية التي جعلت
أساساً للمسألة الاصولية، فجاء الدور لمدرسة السيّد الإمام الخميني- أعلى اللَّه
مقامه الشريف- ليضع حدّاً فاصلًا بين الحقيقة و الاعتبار في المسائل الاصولية،
ففيها ما يحكّم فيه العرف الساذج و إن خالف الدقّة العقلية و البراهين الفلسفية، و
فيها ما يرجع فيه إلى المباني الفلسفية و الحكمة المتعالية، فالإفراط و التفريط في
الاتكاء على علم المعقول، كلاهما على جانب كبير من الخطأ.
و
نظراً لرسوخ الإمام العلّامة في الحكمة و إحاطته ببواطن امورها و خفيّات مسائلها،
لذا أبان الكثير منها عند مساس الحاجة إليها، ففي مبحث تعلّق الأوامر بالطبائع أو
الأفراد لم يوافق المحقّق الخراساني على التمسّك بقاعدة «الماهية من حيث هي ليست
إلّا هي» مشيراً إلى أنّ منظور الحكماء بهذه