حقوق الإنسان و حفظ النظام العام اهتماما
بالغا للأهمية البالغة لهذه الناحية من حياة الإنسان، فشرع لها القوانين الحقوقية
الثابتة، و حدد علاقة الإنسان بالإنسان و ما يجب له و عليه تجاه الآخرين، و صلة
الفرد بالمجتمع و حدود المسئوليات الفردية و الاجتماعية، الى غير ذلك من المسائل
المتعلقة بهذا المجال من مجالات الحياة.
و قد أشارت الآية الكريمة «لَقَدْ
أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ
الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ
بَأْسٌ شَدِيدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ.»[1])
الى طريقة الإسلام في معالجة المشاكل التي تعرض الإنسان و المجتمع في هذا المقام.
و توضيح ذلك بايجاز هو: ان الغرض من خلق الإنسان هو إيصاله عن اختيار الى الكمال
المعنوي و الفوز برضى اللّه عز و جل و القرب منه، و ذلك لا يتحقق الا بتنمية الروح
الإنسانية المودعة فيه و فطرته السليمة التي خلق عليها، و تعديل الغرائز المختلفة
الكائنة فيه، فأرسل اللّه سبحانه رسله بالبينات و أنزل معهم الكتاب و الحكمة و الميزان
لتحقيق هذا الغرض، و قال النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم: «انما بعثت لأتمم
مكارم الأخلاق»، فجاء «ص» بتعاليم أخلاقية سامية و علم الكتاب و الحكمة، و دعا الى
تهذيب النفوس، و أمر بالعدل و الإحسان، و نهى عن الفحشاء و المنكر و البغي، و قد
نجح- الى حد بعيد- في هذا المجال، فكان في نفس كل انسان مسلم متأدب بآدابه وازع
داخلي يمنعه من الاقتراب من أموال الآخرين و النيل من إعراضهم