بسم الله الرّحمن الرّحيم
كتاب المضاربة
وتسمّى قراضاً عند أهل الحجاز. والأوّل من الضرب، لضرب العامل في الأرض لتحصيل الربح ، والمفاعلة باعتبار كون المالك مسبّباً له والعامل مباشراً [1] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ما أفاده (قدس سره) إنما هو لتوجيه صدق المفاعلة في المضاربة ، حيث إنّ باب المفاعلة يقتضي صدور الفعل من اثنين ، وهو غير متحقّق في المقام ، فإن القرض إنّما يكون من المالك خاصّة ، والضرب من العامل فقط .
غير إنّنا ذكرنا في مباحث المكاسب ، أنّ هيئة المفاعلة وإن اشتهر وضعها للدلالة على صدور المادّة من اثنين ، إلاّ أنه لا أساس له . فإنها لا تدلّ إلاّ على قيام الفاعل وتصدّيه نحو تحقيق المادة في الخارج ، سواء أتحقّق ذلك أم لم يتحقق ، فيقال : خادعته فلم ينخدع . والشواهد على ذلك كثيرة ، حيث تستعمل هذه الهيئة ولا يراد منها سوى تصدي الفاعل ولوحده للفعل ، فيقال : سايرته ودافعته ـ ولو كان الطرف الآخر واقفاً لا يتحرك ـ وطالعت وناولته إلى غير ذلك .
نعم ، قد تقتضي المادّة في بعض الموارد القيام في اثنين ، كالمساواة والمقابلة والمحاذاة والمشاركة وغيرها ، حيث إنها لا تتحقّق إلاّ بطرفـين ، غير أنّ ذلك أجنبي عن الهيئة وإنما هو من خصوصيات المادّة .
والذي يدلّنا على ما ندّعيه قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ والذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهَمْ وَما يَشْعُرونَ) [1] . فإنها تدلّنا على عدم اتحاد مفهوم (خادع)
ــــــــــــــــــــــــــــ [1] سورة البقرة 2 : 9 .