الاحكام اصلاح حال العباد، و ايصال النفع اليهم، و دفع الضرر عنهم، في المبدأ و المعاد. و اذا كان كذلك فترك الانقياد لاوامره و نواهيه-مع كونه مخالفا للعقل المستقل بوجوب شكر المنعم و اطاعة المولى-يكون سفها، لكونه تركا لما يرجع نفعه الى النفس، و ادخالا للضرر على النفس، و تقوية للمنافع عليها، و ظلما لها.
فاياك بنيّ و العصيان، فانه يجلب عليك خذلان الدنيا و عذاب الآخرة، أ لا ترى الى جدنا آدم عليه السّلام بخطيئة واحدة طرد من الجنة.
و اياك بنيّ و الكسل و البطالة و مقدماتهما، فقد قيل:
ان الشيطان و النفس الأمارة اذا عجزا عن ان يزينا القبيح و يقبحا الحسن من الاعمال، توجها الى اعمال ما يؤدي الى الكسل و البطالة مما هو زائد على مقدار الضرورة و الحاجة، من الأكل و الشرب و النوم و الراحة و جمع المال و صرف الاوقات في التفرجات و التنفسات و المخالطات و المكالمات و غيرها، فيزينان كل واحد منها حتى يرتكبه العبد و يحصل له منه الكسالة و البطالة، و تضييع الاوقات الشريفة.
و اياك بنيّ و صرف العمر فيما لا ينبغي و لا ينفعك في الآخرة، لان كل آن من آنات عمرك جوهرة ثمينة، بل أعز منها، لامكان تحصيل الجوهرة بالكسب و الكد دون العمر، فان الاجل اذا جاء لا يستأخر ساعة فاياك بنيّ من اذهاب هذه الجوهرة هدرا و ضياعا.