إنّ البحث في مادة الأمر ليس من جهة ان الأمر وضع لأي شيء- كما تخيله بعضهم- بل من جهة التعريف له في علم الأصول. لئلا يخلو هذا العلم من تعريف للأمر الذي هو من مهمات مباحثه.
فاعلم انّه قد يكون الأمر في مقابل الخلق كقوله تعالى: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ[1] و حينئذ يكون المقصود هو مطلق تشريع الشرع الأعم من الايجاب و التحريم أو الندب أو الكراهة أو الاباحة فلا اختصاص له بالأمر المقابل للنهي و منه أمير الجيش و أمير البلد و أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث ان لهؤلاء أوامر متنوعة مختلفة من الأحكام التكليفية الخمسة بحسب حالهم و امارتهم.
فالأمر قد يشمل الخلق و مطلق الشرع و قد يكون سؤالا من قبل العالى فيكون أمرا و قد يصدر من المساوى فيكون التماسا و من الداني فيكون دعاء و سؤالا فليس المقصود من هذه ما يقابل النهي فإنّ السؤال أعم من طلب الفعل و طلب الترك كما انّ الأمر المقابل للسؤال أيضا أعم.
و قد يكون الأمر مقابلا للنهي. و هذا هو المبحوث عنه في المقام أعني طلب الفعل من العالي على سبيل الاستعلاء و هذا الأمر المبحوث عنه في علم الأصول