فما في الضمير لو كان ملازما للخارج فيدل عليه و إلّا فلا إلّا في المتكلم المعصوم.
[3- إنّ النزاع بين النظام و غيره في ملاك الصدق و الكذب نزاع في غير محله]
و منها. انّ النزاع بين النظام و غيره في ملاك صدق الكلام و كذبه و انّه هل هو مطابقته للواقع أو الاعتقاد نزاع في غير محله بل الملاك في الصدق و الكذب تابع لما هو الأصل في نظر المتكلم. و لا بأس بتوضيح ذلك موجزا فنقول: ذهب بعضهم الى أن صدق الكلام باعتبار مطابقته للخارج و بعضهم على مطابقته لما في الضمير و بعضهم على كليهما معا و رابع على أحدهما لا على التعيين. و لكن كل هذه الوجوه و الأقوال باطله. بل الحق أن صدقه تابع لما هو الأصيل في نظر المتكلم. فلو كان الأصيل في النظر بالنسبة الى ما في الخارج فملاك صدقه و كذبه راجع الى ما في الخارج و إن كان بالنسبة الى الضمير فهو الملاك فلا هو ما في الخارج مطلقا و لا ما في الضمير كذلك و لا الوجهان الثالث و الرابع. و نظير ذلك الكنايات فزيد كثير الرماد ليس صدقه منوط بوجود الرماد على بابه بل صدقه متوقف على كونه سخيا مضيافا فهذا المعنى الكنائي هنا أيضا تابع للأصيل في النظر و من أحسن الأمثلة بل أحسن الحديث كتاب اللّه سبحانه و تعالى حيث يقول: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ثم قال اللّه سبحانه و تعالى: وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ[1]. فتدبره و من هذه البيانات ظهر أن ما ذهب اليه بعضهم في مبحث الحقيقة و المجاز من كون الاستعارة حقيقة كالسكاكي حيث قال بالفرد الادعائي و ما رد عليه التفتازاني بأنّ الفرد الادعايي ليس تحقيقيا ففيه مجاز و كذا قولهم بالتجوز في موارد العلائق المرسلة و اختلافهم في الاستعارة. فهذه كلها بمعزل عن الحقيقة على ما يأتي تفاصيلها في مسئلة الحقيقة و المجاز أما في مورد العلائق المرسلة فلعدم الاطراد كما اعترفوا به فلا تكون هي مصححة للاستعمال بل هو في بعضها حقيقي و في بعضها استعارة مقيدة و