و من المباحث التي يتعرض لها بعد البحث عن الوضع هو تعريف الدلالة و بيان أقسامها و الدلالة هي كون الشيء بحيث يحصل من العلم به العلم بشيء آخر و قد قسمت عندهم بالوضعية و الطبعية و العقلية و كل واحد الى اللفظية و غير اللفظية فالدلالة الوضعية اللفظية كما في الألفاظ الموضوعة الدالة على المفاهيم الموضوعة لها و الوضعية الغير اللفظية موردها ما كانت دلالته على شيء وضعا و لكن بدون للفظ مثل رفع الاعلام للدلالة على ثبوت العيد كما انّ في الألفاظ الموضوعة لا يفهم من اللفظ شيء مع قطع النظر عن الوضع كلفظة ديز المهملة. و أما الطبعية اللفظية كدلالة (أحأح) على وجع الصدر فهذا لفظ يدل طبعا على هذا المطلب و غير اللفظية كدلالة سرعة النبض على الحمّى و العقلية اللفظية كدلالة ديز على وجود لافظ و غير اللفظية كدلالة الدخان على النار و دلالة التغير على حدوث العالم. هذا.
و قد استشكل بعضهم انّ هذا التقسيم هل هو باعتبار سبب الدلالة أو باعتبار المدرك أو باعتبار غير ذلك؟ فإن كان بالأول فالتقسيم يصح في قسمين دون الآخر حيث انّ سبب الدلالة اللفظية هو الوضع و سبب الطبعية هو الطبع و أما العقل فلا يكون سببا لوضوح ان دلالة التغير على الحدوث غير مستند الى العقل بل انّما العقل يدرك ذلك فالتقسيم اذا لا يشمل العقلية. و اما لو كان بالاعتبار الثاني أي المدرك فيرد على التقسيم انّ الوضع لا يكون مدركا. فالتقسيم على كلا الأمرين غير صحيح و لا ثالث فلا مقسم للأقسام فلهذا قد جعل بعض المحققين التقسيم ثنائيا ثم قسم