responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : يوم الخلاص في ظل القائم المهدي عليه السلام المؤلف : كامل سليمان    الجزء : 1  صفحة : 150

عن مسرح الأحداث إلا إذا تقرّر غيابه و فرض عليه و لو بشكل لم يعرف هو نفسه الحكمة منه، شأنه في ذلك شأن الآيات المتشابهات في القرآن الكريم، التي في ظاهرها جبر للعباد على الفعل، و تجسيم للّه عزّ و جلّ مثلا. فإننا ما إن نعلم صفات اللّه الثبوتية حتى ننزّهه عن التشبيه، و نرفّعه عن الجبر و سائر ما يرميه به من يقعون في الشبهات. و ما علينا إلا أن نجيل نظرنا في متشابه القرآن حتى نرى بجلاء ما يصدق على الجليل عزّ و جلّ، و ما لا يصدق.. فاللّه تعالى حكيم، و لا بدّ من وجه حسن لما يقدّره و لو جهلناه، بل ليس واجبا علينا أن نفلسف كل أمر إلهيّ. و لذلك كان اجتهاد الشيعة في دفع هذه الشبهة الواردة من الخصوم، يعدّ تفضّلا منهم لهداية غيرهم إلى وجه الصواب و طريق الحق، لا واجبا عليهم. فهم ليسوا مكلّفين بشرح أعمال اللّه، و إن كانوا يدافعون عن صدق نظرتهم و نظريتهم دون أن ينظروا إلى ربح أو خسارة.

و نحن نكرّر و نقول: إننا لا نقطع بأن الإمام الغائب لا يصل إليه أحد في غيبته، فقد ذكرنا ما روي عن آبائه عليهم السّلام من قولهم: (و ما في ثلاثين من وحشة) يعني أنه مع أسرة و قوّامين على خدمته: هذا يولد و ذاك يموت، و كلّهم مرصودون لإيناس وحدته إنعاما من اللّه عليه، لأن اللّه أرأف بالعبد من نفسه، فكيف تكون رأفته بوليّه المنتظر الذي يقيم به ميزان العدل على الأرض؟!.

هذا، و إن غياب القائم عليه السّلام عن وجه أعدائه تقيّة منهم.. و غيابه عن أعين أوليائه تقيّة عليهم و حفظ لهم.. و غيابه عن الناس-كل الناس-رأفة بالناس، لأنه سيكون لكل الناس، لا لواحد من العالمين. و قد أوضح لنا التاريخ كيف كانت حياة أبيه مراقبة من السلطان، بحيث كان شبه محجوب إلاّ عن النّزر القليل من خلّص شيعته و مواليه.. أفلم يكن ذلك إنذارا بهذه الغيبة الطويلة لولده؟!. بلى، لأنها لم تلاق استغرابا يومئذ عند مواليه بعد أن مهّد لها جدّه و أبوه. بل إن الدخول على آبائه جميعا كان بالإذن الذي قد لا يحصل من اليوم الأول، ليعوّدوهم على احتجاب آخر الأوصياء.. و قد بدأ جدّه الهادي عليه السّلام يستتر عن الناس بعض الشي‌ء، ثم عقبه ولده العسكريّ عليه السّلام بالإستتار الأطول حتى كان لا يرى إلا خارجا في أمر هامّ، أو عائدا منه، يعوّد بذلك أتباعه... ثم كانت غيبة صاحب الغيبة عجّل اللّه فرجه..

اسم الکتاب : يوم الخلاص في ظل القائم المهدي عليه السلام المؤلف : كامل سليمان    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست